عمر نشّابة
سيطرت الميليشيات المحلّية المسلّحة على لبنان خلال 17 عاماً من حرب أجمع اللبنانيون على أنها دمّرت البلد. وبقيت الميليشيات بعد الحرب، لكنها تحوّلت إلى أزلام لوزراء ونواب وزعماء طوائف وإقطاع ومخبرين ومساعدين للمخابرات السورية العاملة في لبنان. وكانت الوزارات ومكاتب النواب وأجهزة «النظام الأمني السوري اللبناني» (كما يسمّيها أقطاب مجموعة 14 آذار) توزّع رخص حمل سلاح وبطاقات «تسهيل مرور» لأزلامها. وكان أكثر حاملي هذه البطاقات يعملون مخبرين لأسيادهم، يتجسّسون على المواطنين والمسؤولين ويجمعون المعلومات «الموثوقة» عنهم.
علمت «الأخبار» أخيراً أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي توزّع بطاقات «تسهيل مرور» على «الجواسيس» والأزلام الذين تستخدمهم لجمع المعلومات عن الناس بحجّة الحفاظ على الأمن وحماية الشخصيات السياسية. وتردّدت معلومات عن تقارب بين رئيس شعبة المعلومات المقدّم وسام الحسن والنائب سعد الحريري والمجموعة السياسية التي يترأسها. ويسأل الناس عن «الخدمات» التي تقدّمها شعبة المعلومات إلى مجموعة 14 آذار السياسية في إطار جمع المعلومات عن أخصامها السياسيين في لبنان. إن قوى الأمن الداخلي هي مؤسسة الشرطة الأساسية في هذا البلد، ولا يجوز تحويل شعبة منها إلى ما يشبه «ميليشيا» على طريقة رستم غزالة الذي كان قد حوّل الكثيرين إلى «ميليشياويين» حاملين بطاقات «تسهيل مرور». فما الفرق بين أسلوب غزالة وأسلوب الحسن؟
لا يحقّ لرئيس شعبة أن يوقّع على بطاقات رسمية. فبحسب الأصول، هذا الأمر يعود إلى الوزير المختصّ أو المدير العام فقط. وبطاقات «تسهيل مرور» لا شرعية لها أصلاً إلا في الأنظمة الاستبدادية والاستخبارية. ولا يجوز التمييز بين المواطنين بأي شكل من الأشكال على أساس تجسّسهم لمصلحة جهاز الأمن أو عدم تجسّسهم. ولا يحقّ للجهاز الأمني التجسّس على المواطنين ومراقبة تحرّكاتهم إلا وفقاً لاستنابة قضائية. ولا يجوز أن يسمح القضاء بذلك لأنه يتعارض مع الدستور اللبناني.
هل سيأمر وزير الداخلية بسحب بطاقات «تسهيل مرور» الميليشياوية أم ستستمرّ شعبة المعلومات التابعة لقوى الأمن بخرق الدستور؟