وفيق قانصوه
في مهرجان النصر والتحرير في أيار عام 2000 وقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خطيباً في بنت جبيل، فبدأ كلامه مستشهداً بآيات قرآنية وبالتأكيد على «أن هذا النصر من الله سبحانه وتعالى (...) هو الذي ألقى في قلوب أعدائنا الرعب، هو الذي رمى وهو الذي أصاب، هو الذي دمّر المواقع وهدم الحصون وقتل الجبابرة، وهو الذي صنع هذا النصر...».
يومها كان رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط في المقلب الآخر، تحديداً في “المحور السوري - الايراني” نفسه الذي لا يفتأ يهاجمه ليل نهار، من دون أن يبدي يومها أي اعتراض على نسبة النصر الى الله، ومن دون أن يسميه «نصراً تقنياً» و«مادياً» لا علاقة لله به.
وتعتقد أوساط في حزب الله أن تشديد جنبلاط تكراراً في الآونة الأخيرة على التشكيك في «الهية» النصر الذي حققه حزب الله، بعد دأبه طوال الشهور الماضية على التعرض للحزب وأمينه العام وتباهيه بما سماه «تحطيم المقدسات»، انما ينبع من خط بياني يتبعه رئيس اللقاء الديموقراطي، تدرج من المس بأشخاص حزب الله وقياداته الى التجرؤ على عقيدة الحزب، عبر التطرق الى عقيدة انتظار الامام المهدي، في محاولة لاستدراجه الى رد فعل عنيف داخلياً، يضيّع مفاعيل الانتصار في وجه العدوان الاسرائيلي. أما التشديد على أن «النصر مالي، ومن يعطي المال والسلاح يأمر»، فترى فيه هذه الأوساط محاولة من رئيس اللقاء الديموقراطي لتخويف المسيحيين من سلاح حزب الله عبر الايحاء بأن من يملك السلاح يملك مفاتيح السيطرة على البلد.
التجارب السابقة تؤكد أن حزب الله لا يستفز بسهولة. وتجدر الاشارة هنا الى أن البيان الشهير الذي أصدره الحزب قبل شهور حول «حفلة الجنون» سبقته حملت استمرت أسابيع، واستدعى لقاءات واتصالات مكثفة على المستوى القيادي قبل اصداره. وبناء عليه، فان هجوم جنبلاط لن يستفز الحزب الى مواقف من شأنها زيادة حدة التوتير المذهبي، ولن يؤدي، على الأرجح، الى أن يكون خطاب السيد نصرالله غداً عالي النبرة. «فالنصر الالهي نصر استراتيجي بمفاعيله يمتد عبر لبنان الى العالمين العربي والاسلامي، ولن يضيّعه حزب الله في مهاترات داخلية تخفف من بريقه»، بحسب الأوساط نفسها التي تستدل على ذلك بأن عرباً وأجانب بين المدعوين الى المهرجان «الذي لن يؤثر فيه كلام جنبلاط الا لجهة حض مزيد من الناس على حضوره» بعدما مسّ رئيس اللقاء الديموقراطي وتراً حساساً في صلب العقيدة الشيعية.