في كل عام، وفي مثل هذا الوقت، تتوجه الأمهات إلى المزارات ودور العبادة راجيات نجاح أولادهن في الامتحانات الرسمية. الأمل نفسه يراود الأساتذة والمعلمين.مخاوف الأمهات، وآمال الأساتذة، وجدت حلها هذه السنة، عندما أعلن وزير التربية خالد قباني، أن «التشدد في المراقبة سيكون عنوان الامتحانات في 2006 تعويضاً عن «مسخرة» السنة الماضية». وزير التربية يعترف بـ«مسخرة» النقل في الامتحانات! لن ننتقد الوزير على ما بدر منه، لأن الانتقاد الحقيقي يجب أن يوجه إلى المجتمع، الذي بخلاف ما يعلنه لا يريد الإصلاح ولا التغيير، حتى المتعلق بمصلحة التلامذة!
السؤال الجوهري هنا: هل يريد اللبنانيون فعلاً امتحانات نزيهة؟
الجواب برأيي هو لا. وشرح ذلك متيسّر: أنا واحد من الذين يحضرون ثلاث نشرات أخبار كل ليلة، ويقرأون جريدتين. الفكرة هي أنه، رغم وسع اطلاعي، فاتني خبر «تشدد الوزير»، وخصوصاً أن التلفزيونات لم تعطه الأهمية اللازمة ولا الجرائد فعلت. تنبّهي للخبر جاء بالصدفة، وبعد مرور يوم كامل، حيث وجدته محشوراً في أسفل إحدى الصحف.
خبر كهذا، يفترض به أن يحتل العناوين، إن لم يكن المانشيت الرئيسية. لأن في تنفيذه ما يؤمن الأسس اللازمة للبناء الحقيقي.
إذاً، مرّ الخبر مرور الكرام، ولم يكترث له الإعلام، إلا بعض الأهل، وبعض المعلمين، ونظراً لصيت جدية الوزير القباني، «دب الخوف بركابهم» وانقسموا إلى قسمين:
قسم الأكثرية، وحبّذا لو كانت وهمية، انتقد الوزير وقراره، معتبراً إياه قراراً صورياً على عادة القرارات الرسمية. وقسم الأقلية، الذي قرر الوثوق بالوزير ومساندته لإحقاق الحق وإعطاء شهادتي البريفيه والثانوية العامة لمن يستحقها!
وجاءت الامتحانات، وانتصر رأي الأكثرية التربوية، على عكس الأكثرية السياسية، ربما لأنها هنا حقيقية وغير وهمية، (هذا نقاش آخر) انتصرت لأن «النقل» كان «شغّال» في أكثرية المراكز إلا القليل منها «التابع» للأقلية.
فمقابل الأكثرية المافيوية التي تقوم مصالحها على التهاون بالمراقبة، هناك أقلية تهتم بمستوى أولادها ومستقبلهم، ومعلمون يبذلون وسعهم لإفادة طلابهم.
ليست المشكلة في قرار لا ينفذ، المشكلة تكمن في ثقافة المجتمع، التي تبدأ من المدرسة لتبلغ رأس الهرم. إذ إن أي تغيير في ذهنية هذا المجتمع تبدأ من قطاع التربية.
وحبّذا لو تنتصر الأقلية على الأكثرية... في قطاع التربية.
سيزار وازن