قصر العدل في جونية أفضل حال من قصور العدل في المناطق اللبنانية الأخرى. ويقوم القضاة والموظفون بمجهود لسدّ العجز وتخطي اهمال الدولة مع أن راتب القاضي ليس مرتفعاً ولكن بعض القضاة لا يرضون العمل في مكان لا يليق بالعدالة
جوانا عازار

في 7 حزيران 1996 دُشّن قصر العدل في جونية بعد اعادة تأهيل المبنى واضافة طبقة عليه. وهو يضمّ اليوم نحو 25 موظّفاً موزّعين على ثلاثة أقلام: قلم مدني، قلم جزائي وقلم تنفيذ. غرف الموظّفين كبيرة وتضمّ عدداً كبيراً من المكاتب وعدداً أكبر من الخزانات الحديديّة والملفّات المكدّسة، وهذا المشهد يتكرّر في غرف الأقلام جميعهاوربما الحدث الأهم يتمثل في زيادة عدد الغرف المخصّصة للموظّفين، اضافة الى استحداث مستودع ونظام أرشيف متطوّر لحفظ الملفّات. العمل في محكمة جونية شأنه شأن بقية المحاكم اللبنانيّة ما زال يدوياً، يعتمد على العنصر البشري في غياب المكننة وأجهزة الكمبيوتر. المطلوب إذاً اعتماد المكننة ومواكبة عصر التكنولوجيا السريعة. بعض التجهيزات الأساسيّة تغيب عن المحكمة كمكيّفات الهواء في غرف الموظّفين ويستعاض عنها بالمراوح، وتبقى الهواتف قديمة وفي حاجة الى تجديد.
وباستثناء بعض الكراتين القابعة في إحدى الزوايا والتي تحوي على نسخ من الجريدة الرسميّة ومن صحف قديمة، فإنّ المكان “نظيف” ومرتّب، وعبارة “يرجى المحافظة على النظافة” تردّد في كلّ اتّجاه. الطبقة الأولى فيها القلم المدني، قاعة المحكمة، دار نقابة المحامين ومكان للانتظار مجهّز بمقاعد خشبيّة. أمّا الطبقة الثانية ففيها قلما الجزاء والتنفيذ وغرف القضاة.
بعض المحامين المجتمعين في دار نقابة المحامين في قصر العدل في جونية أكّدوا أنّ محكمة جونية “نموذجيّة” وجيّدة مقارنة مع محاكم لبنانيّة أخرى، ولا نقص أو تقصير أو إهمال يذكر حيال أداء الموظّفين والقضاة، فالتعاون قائم بين الجميع، والمكان هو “كالضيعة” حيث يعرف الجميع بعضهم بعضاً.
التقصير يأتي من الدولة من ناحية التجهيزات واعتماد المكننة ونظام أرشيف متطوّر. ويطالب بعضهم بتوسيع المحكمة وتعديل الهيكليّة وزيادة عدد القضاة. في الطبقة الثانية لجهة اليمين مكاتب القضاة الذين يبلغ عددهم سبعة: خمس سيّدات ورجلان. هنا الوضع أفضل بفضل المبادرات الفرديّة وبفضل صندوق القضاة الذي تجمع فيه الأموال دوريّاً لتكليف سيّدة بشراء المحارم وتنظيف المكان والحمامات... فالوزارة على رغم بعض التعاون تغيب عن أمور عدّة والسبب معروف “ما في مصاري بالوزارة”.
آلة التصوير في غرفة الطباعة قرب غرف القضاة تعمل “بالتقطيش”، فيضطرّ القضاة الى التصوير في مكتبة قرب المحكمة على نفقتهم الخاصّة. الفاكس لم يجد له مكاناً بعد عند القضاة، ولا خطّ هاتف مباشر الأمر الذي يحتّم طلب السنترال قبل كلّ مكالمة هاتفيّة. وكانت هناك صعوبة كبيرة للحصول على خزانات مرتّبة تأوي الملفّات التي كانت تبيت “تحت الدرج”.
أمّا أجهزة الكمبيوتر المحمولة من نوع P3 فقد اشتراها القضاة على نفقتهم الخاصّة، كذلك آلات الطبع printer والحبر اللازم لها. البرنامج الإلكتروني “نظام حمورابي للتشريعات اللبنانيّة” يحتاج أسبوعياً الى تحديث واستخدام الإنترنت، وهذا مصروف آخر يتحمّل القضاة أعباءه. المشكلة الكبرى تكمن في فصل الشتاء إذ تتسرّب المياه الى الممرّ الذي يتوسّط غرف القضاة فيتحوّل الى برك وبحيرات لا ينقصها سوى البطّ.
من الناحية الأمنية، الوضع جيّد والتحقيق ما زال جارياً حول العبوة التي ألقاها على المحكمة في أوائل شهر آذار صاحب دعوى بيع بالمزاد العلني. هذه الحادثة جعلت الحراسة على المحكمة 24\24 بعدما كانت حتى الساعة الثانية بعد الظهر فقط.
أهمّ الطلبات توفير مولّد كهربائي خاصّ بقصر العدل وتحقيق المزيد من التعاون مع بلديّة المدينة وتعزيز المحكمة أكثر لكونها محكمة القضاء. لكن لا يمكن أن ننكر أنّ حالة قصر العدل في جونية هي أفضل من غيره بأشواط.