عمر نشابة
أعتقد أن هناك إجماعاً على أن الدستور والقانون وأمن الناس وحقوقهم فوق كلّ اعتبار.
عندما يثق المواطنون بالسلطة المسؤولة عن أمنهم، يقدّمون معلومات، من دون مقابل (ودون بطاقات «تسهيل مرور»)، عمّن يهدّد الأمن. هذا هو مفهوم الأمن الاجتماعي الذي بحثته طويلاً خلال المؤتمرات مع الضباط في قوى الأمن الداخلي سابقاً وخلال جولات في أوروبا برفقتهم، الذي يؤيد اعتماده الحريصون على الأمن في هذا البلد. ويعلم الخبراء والقيمون على أمن اللبنانيين وحقوقهم أن الأنظمة الاستبدادية القمعية هي التي تعتمد أسلوب وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت البوليسي المعلوماتي، بينما تعتمد الأنظمة الديموقراطية الحقيقية أسلوب الأمن الاجتماعي.
لا يجوز أن يكون الأمن بيد جهة على حساب جهة أخرى، كما لا يجوز أن يكون المسؤول عن الأمن منحازاً. ولا يخفى على أحد انحياز وزير الداخلية بالوكالة إلى مجموعة 14 آذار السياسية التي ينتمي إليها.
يبدو أن خطّة فتفت في الداخلية هي ربط كلّ الإدارات الأمنية بجهاز مخابرات وتنصّت وتجسّس يُعرف بشعبة المعلومات يترأسها ضابط لا يخفي ميله السياسي إلى فريق الأكثرية الحاكمة.
ليرحل الوزير فتفت عن وزارة الداخلية المعنية بالأمن والنظام لأنه يخالف البيان الوزاري ويتصرّف بانحياز لمصلحة إحدى المجموعات السياسية، في وقت ترتفع فيه حدّة السجالات، ويمرّ البلد بمرحلة أمنية دقيقة وحسّاسة.
والمهم الآن هو تعيين وزير للداخلية بالأصالة يحمي الدستور ويحافظ على الأمن والسلامة من دون الحاجة إلى أساليب ميليشيوية ومخابراتية. لكن ذلك لن يحصل لأن فتفت ينتمي إلى المجموعة السياسية نفسها التي ينتمي إليها رئيس الحكومة و «الأكثرية» والتي ترفض التوازن السياسي وتصرّ على الانحياز.
لا يجوز أن يكون المسؤول عن أمن الناس منحازاً لمجموعة، أكانت مجموعة مناصري المقاومة أم مجموعة المحرّضين عليها. ولا يجوز أن يكون وزير الداخلية خلال هذه المرحلة الصعبة منتمياً إلى حزب الله أو الحزب التقدمي الاشتراكي أو التيار الوطني الحرّ أو تيار المستقبل أو غيرها من الأحزاب والمجموعات.
البلد يحتاج إلى وزير داخلية محايد. هل يمانع أحد؟