فداء عيتاني
لما يتشكل تيار المستقبل في إطاره السياسي بعد، مفترضاً أن يتم ذلك بداية الصيف، إلا أن تأخيراً حصل، وتلاه اندلاع الحرب، ما أرجأ إطلاق المشروع السياسي والتنظيمي الداخلي، غير أن ذلك لا يرتب أية تداعيات على وضع التيار، «فنحن اليوم الممثلون للسنة في لبنان، والحالة القيادية سليمة لجهة إمساكها بالقرار» بحسب أحد نواب التيار الذي رفض ذكر اسمه.
ليس في مسار الأمور داخل تيار المستقبل ما يدعو الى خروج الأمور عن مسارها الهادئ إلا أمرين: الأول غياب الاجتماعات، والثاني موقع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ودوره وموقفه من رئيس الجمهورية إميل لحود.
مسألة الاجتماعات تثير أحياناً، بحسب النائب نفسه، بعض النواب الذين يرغبون في عقد اجتماعات دورية، وفي صدور مواقف أسبوعية، كما كانت الحال أيام الحريري الأب، لكنه يرى ان هذا لا يعدو أن يكون «تململاً بسيطاً، ورغبة في التحلّق حول الحريري الابن»، الذي لا يتمكّن دائماً من عقد الاجتماعات، ويتحول الاجتماع أحياناً الى مسألة تخضع الى هذا الحد أو ذاك للأوضاع أو حتى لـ«مزاجية الحريري».
النقطة الثانية التي يرصدها النائب من كتلة المستقبل هي حالة من الاستياء لدى التيار من مواقف رئيس الحكومة، وعلى رغم ان العلاقات عادت الى دفئها بين الحريري والسنيورة، وخصوصاً مع تبلور دور رئيس الحكومة وتحوّله الى حاجة على المستويات المحلية والاقليمية وحتى الدولية، إلا ان هذا لا يمنع من تلمّس كيف يدعم الرئيس السنيورة بقاء الرئيس إميل لحود في قصر بعبدا يوماً إثر يوم.
وفي الكلام الداخلي أن السنيورة الذي كاد يفقد دوره قبيل استشهاد الرئيس رفيق الحريري، والذي يفترض أنه «وكيل» في رئاسة الحكومة في انتظار رحيل رئيس الجمهورية ومجيء «الأصيل» الى الرئاسة الثالثة، أي سعد الحريري، يتأكد يوماً بعد يوم أنه على توافق مع الرئيس لحود، وهو توافق غير معلن على تمرير لحود مشاريع قوانين ومراسيم وتسهيل عمل الحكومة في مقابل عدم فتح النار الحكومية على رئيس البلاد، على الأقل من رئيس الحكومة نفسه.
هذا التوافق القائم بين الرجلين تحميه «الحاجة الدولية» وتحصّنه علاقة لا بأس بها مع النائب الحريري، وإن كان النائب نفسه يصر على ان السنيورة والوزيرين جهاد أزعور وخالد قباني ليسوا من تيار المستقبل، ولكن السنيورة يمثل التيار حالياً ليس أكثر.
أحد النواب، من المحيطين بدائرة صناعة القرار في التيار، يكتفي بالقول «ليس لدي أي علم بأي من هذه الأمور» من دون أن يعمد الى نفي فوري أو الى التورط في توسيع النقاش بل ينسحب.
أحد نواب كتلة المستقبل يستفيض في التوضيح ان الكتلة قد لا تعقد اجتماعات دورية، ولكن تعقد اجتماعاتها بصفة دائمة، إلا في حال تعذر هذا الأمر لسفر أو غيره، وحتى في حال عدم انعقاد اجتماعات دورية، ودائماً بحسب النائب، تلتقي الكتلة أو أجزاء منها ضمن اجتماعات بعيدة عن الإعلام لتسيير الأمور المناطقية ولمناقشة الشؤون السياسية وموقف التيار منها.
النائب نفسه يرى ان الكلام على دور السنيورة وتمريره صفقة مع الرئيس لحود «ليس أكثر من كلام إعلامي»، وان العلاقة واضحة، «والكتلة برئيسها وأعضائها تدعم الحكومة ورئيسها الى النهاية»، مشيراً الى ان إسقاط لحود لم يتم لأن الوسائل الدستورية لم تسمح للأكثرية بإسقاطه، «ولا مناص من تعاون الرئيس السنيورة مع رئيس الجمهورية لتصريف شؤون الدولة».