Strong>تقف الطائفة الدرزية أمام استحقاق مفصلي، يتوزع بين عملية إنتخاب المجلس المذهبي المدعوم من النائب وليد جنبلاط ومهرجان خلدة في دارة الوزير السابق طلال أرسلان وإعلانه شيخ عقل آخر.عامر ملاعب

تعرف طائفة الموحدين الدروز بأنها فرقة إسلامية ذات توجه فلسفي روحاني صوفي، بعيد عن كل مظاهر الأبهة والتنظيم الهرمي، ويعتبر الشرع الاسلامي مرجعها ممثلاً بالقضاء والمشايخ الذين يتوزعون على المناطق الجغرافية حيث يوجد أبناء الطائفة. وكان هؤلاء يسمون من بينهم «مشايخ العقال» من دون آلية تنظيمية واضحة، لذا بقيت الطائفة غير محصنة من تدخلات السياسيين منذ العهد الفاطمي، زمن التأسيس، حتى اليوم.
ساهمت إمارات جبل لبنان المتلاحقة في القرون الوسطى وتداخل الصراعات العشائرية والمذهبية والسياسية، والسلطة المحلية التي تمتع بها جبل لبنان، في شكل فاعل في إبراز كيانية خاصة للطائفة إستدعت محاولات توحيد هذه المرجعية، وأطلق على المنصب اسم «شيخ العقل»، وهو ممثل الهيئة الدينية الرسمي وليس رئيسها تجاه السلطة المحلية وشؤون الرعيةالتنظيم الفعلي والحقيقي جاء مع السيد عبدالله التنوخي (1417-1479)، وهو عالم دين وفكر عاش في دمشق الى جوار علمائها آنذاك، وعاد بتشريعات تنظيمية، وأوصى بعد وفاته بكل ما يملك وقفاً لأبناء الطائفة. كذلك إشتهر عدد من المراجع الذين أوقفوا ممتلكاتهم لأعمال الخير مثل الشيخ محمد أبو هلال الملقب بالشيخ الفاضل والشيخ أحمد أمين الدين. وأدت الصراعات السياسية منذ العهد الشهابي خصوصاً الصراع اليزبكي - الجنبلاطي التاريخي الى تعدد مشايخ العقل، فتبنى كل فريق شيخه الخاص، وانعكس الإنقسام على وضع الأوقاف وإمكان استغلالها وعلى المجلس المذهبي الممثل للهيئات الروحية والزمنيةبعد الاستقلال صدرت قوانين عدة تنظم مشيخة العقل أبرزها قانون عام 1962 الذي قضى بتكريس استقلالية الطائفة في شؤونها وأوقافها ومؤسساتها الخيرية، وراعى وجود شيخين للعقل بصفة رسمية وثالث بأحكام إنتقالية الى حين وفاة الشيخ غير المعترف به من قبل رئيس الدولة وفقاً لأحكام المادة الثانية من القانون المذكور (توفي الشيخ علي عبد اللطيف عام 1970 وإنتهت مفاعيل هذه المادة من القانون). في هذا القانون ينتخب شيخا العقل من قبل أبناء الطائفة الذكور الذين لهم الحق في الانتخاب وفقاً لقانون إنتخاب أعضاء المجلس النيابي، بعدما تتفق كلمة الطائفة الدرزية في لبنان على إختياره من أبنائها الأخيار. بعد وفاة الشيخ رشيد حمادة (التيار اليزبكي) عام 1970 لم يتبق إلا الشيخ محمد أبو شقرا في منصب شيخ العقل (التيار الجنبلاطي) حتى وفاته في عام 1991 حين عين بهجت غيث قائم مقام شيخ عقل الموحدين الدروز بمباركة من وليد جنبلاط. بعد سنوات قليلة على تعيينه نشبت خلافات حادة بين الشيخ بهجت غيث والنائب وليد جنبلاط ما لبثت أن توسعت لتشمل عدداً من المراجع الدينية الدرزية. وتعتبر أوساط قريبة من غيث أن حقيقية موقف جنبلاط «نشأت على خلفية حسابات مصلحية»، ويعتبر هؤلاء انه «لو قدم الشيخ غيث خضوعه إلى القابض على زمام الأمور السياسية في الوقت الحاضر لما كان هناك أية أزمة». شهدت المرحلة التي تلت نشوب الخلاف الغيثي- الجنبلاطي العديد من المحاولات لمعالجة وضع البيت الداخلي منها التوصل في إحداها الى إتفاق وليد جنبلاط وطلال أرسلان يقضي بتقاسم مقاعد المجلس المذهبي ومعالجة ملف الأوقاف وتوحيد منصب مشيخة العقل والتوافق على تعيين الشيخ سليمان أبو ذياب في هذا المنصب. سقط هذا الاتفاق مع الطعن الذي تقدم به الشيخ غيث الى المجلس الدستوري وبقي الحال على ما هو عليه. بعد الإنتخابات النيابية الأخيرة عام 2005 تمكن جنبلاط من احتكار المقاعد النيابية الممثلة للطائفة للمرة الأولى منذ الاستقلال بعد استفادته من الحلف الرباعي الذي ضمه الى تيار المستقبل وحزب الله وحركة امل مستبعداً الفرقاء الآخرين، وسارع الى تقديم مشروع قانون الى المجلس النيابي لتنظيم أحوال الطائفة، قبل ان يتم البت في الطعون المقدمة الى المجلس الدستوري. ويعتمد القانون الجديد تمثيل أبناء الطائفة من خلال الإنتخاب والترشح على أساس مناطقي وقطاعات مهنية ويقر توحيد منصب مشيخة العقل وتنظيم الأوقاف والمجلس المذهبي. أما الاعتراضات عليه من المراجع الأخرى فسببها عدم إستشارتها بالشكل ووضعها أمام الأمر الواقع . كما أن القانون لم يلحظ مراعاة دور رجال الدين في إدارة الأوقاف ومراعاة الوصايا بشأنها والتشابك في الصلاحيات بين شيخ العقل والمجلس المذهبي والشروط المفروضة على شيخ العقل وفترة ولايته وسلطته المحدودة. الى ذلك، يوضح عضو اللجنة المشرفة على الترشح والانتخاب الشيخ غسان الحلبي بأن «القانون لم يكن على قدر الطموح ولكنه جاء بعد فترة طويلة من شلل المؤسسات الدرزية منذ السبعينات من القرن الماضي وأعطى الحق للجميع خصوصاً الهيئة الدينية الممثلة في المجلس من خلال القانون بـ 16 مقعداً، وقد راعت التعديلات الأخيرة رأي المعترضين خصوصاً في موضوع الأوقاف، إذ لحظت شرط مراعاة الوصايا الوقفية لجهة إدارة الأوقاف والمنتفعين منها». عدم بت المجلس الدستوري "المعطل" بالطعون المقدمة خلق مشكلة وبدلاً أن تكون هذه المؤسسة في خدمة المواطنين ساهمت في تطور الأحداث، فهل ستنحصر المشكلة بأمر واقع جديد يفترض ثلاثة مشايخ للعقل عند طائفة الموحدين على غرار الواقع الدرزي في سوريا، أم تتطور الأمور الى ما هو أسوأ من ذلك؟


أبرز المشايخ الدروز الذين تولوا منصب شيخ العقل منذ العهد التنوخي
  • الشيخ أبو يوسف علم الدين سليمان
  • الشيخ شبلي ابو المنى
  • الشيخ الأمير سيف الدين التنوخي
  • الشيخ حسن تقي الدين
  • الشيخ ابو علي مرعي زهر الدين
  • الشيخ حسين عبد الصمد
  • الشيخ زين الدين عبد الغفار تقي الدين
  • الشيخ حسن طليع
  • الشيخ بدر الدين العنداري
  • الشيخ محمد حمادة
  • الشيخ الفاضل محمد ابو هلال
  • الشيخ محمد طليع
  • الشيخ ابو محمد ناصر الدين العيد
  • الشيخ حسين حمادة
  • الشيخ ابو علي ناصيف او شقرا
  • الشيخ حسين طليع
  • الشيخ ابو زين الدين يوسف ابو شقرا
  • الشيخ محمد عبد الصمد
  • الشيخ علي جنبلاط
  • الشيخ رشيد حمادة
  • الشيخ اسماعيل ابو حمزة
  • الشيخ علي عبد اللطيف
  • الشيخ فخر الدين ورد
  • الشيخ محمد ابو شقرا
  • الشيخ احمد امين الدين
  • الشيخ بهجت غيث


    العمامة المدورة
    غالباً ما يتم الخلط بين شيخ العقل والشيخ ذي العمامة المدورة، وواقع الأمر أن العمامة المدورة (أو المكولسة) المميزة عن العمائم الأخرى لا معايير تحددها أو قوانين تحكمها إلا العرف، إذ يعتمرها أشخاص قلائل يتميزون عن غيرهم بالتقوى والزهد والورع والمسلك الاجتماعي السليم والإجماع والاعتراف بهذا الشخص من قبل العدد الأكبر من أعيان البلاد الدينيينومن بينهم شيخ معمم، فيتم التشاور ويتفقون على إلباسه العمامة التي تعتبر من الناحية الروحية أهم بكثير من منصب شيخ العقل الذي ينتج عن قانون زمني، ولا يرتبط غالباً بالبعد الروحي للمرشح.ويجري الحديث حالياً حول ضرورة تعيين مشايخ من ذوي العمائم المدورة خصوصاً بعد وفاة الشيخ أبو يوسف أمين طريف (فلسطين) والشيخ أبو حسن عارف حلاوة (لبنان)، ولم يتبق للطائفة في لبنان وسوريا وفلسطين إلا الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين اليوم على قيد الحياة.


    أبرز المرشحين
    تدور الكثير من التكهنات حول المرشح الذي سيتم تعيينه من قبل الفريق الارسلاني الاحد المقبل، وطرح بشده اسم الشيخ غالب قيس، لكن قيس أوضح موقفه لـ «الاخبار» فقال: «الأمر ينطوي على بعض الصعوبات، ونحن نشكر الامير طلال ارسلان على ثقته بنا، وكنا نتمنى لو أن هناك إمكانات تساعدنا على خدمة إخواننا، لكن هذا الموضوع غير وارد بالنسبة الينا»وبذلك يكون الشيخ ناصرالدين الغريب المرشح الارسلاني الأقوى لهذا المنصب. أما في المقلب الجنبلاطي فمن المبكر التكهن باسم المرشح الأبرز خصوصاً قبل تبلور انتخاب أعضاء المجلس المذهبي، لكن اسم الشيخ سامي ابي المنى من مؤسسة العرفان يطرح بقوة».