ابراهيم عوض
للمرة الثالثة في غضون شهر يعلن الرئيس السوري بشار الأسد ترحيبه بزيارة الرئيس فؤاد السنيورة الى دمشق.
المرة الأولى حملت دعوة مباشرة منه الى رئيس الحكومة نقلها أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خلال زيارته لبنان في الحادي والعشرين من الشهر الماضي.
المرة الثانية أفصح عنها الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان خلال مؤتمره الصحافي الذي عقده في مطار دمشق في الاول من ايلول الجاري بعد انتهاء محادثاته مع المسؤولين السوريين، إذ نقل عن الأسد قوله بأنه يتطلع إلى لقاء السنيورة، مضيفاً أنه سمع منه أيضاً استعداداً لإقامة علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسوريا.
اما المرة الثالثة فلم يمض عليها أكثر من اثنتين وسبعين ساعة، وجدد فيها الرئيس السوري خلال لقائه رئيس جبهة العمل الاسلامي في لبنان الداعية فتحي يكن والوفد المرافق له، ترحيبه بالسنيورة مبدياً حرصه على نجاح زيارته الى دمشق بعد الاعداد الجيد لها، مؤكداً عزم دمشق على أن يعود رئيس الحكومة اللبنانية من العاصمة السورية حاملاً معه الحلول لجميع المشاكل المشكو منها.
وإذا كانت مسألة الدعوة إلى زيارة دمشق سبق أن مثّلت «عقدة» بحد ذاتها نتيجة الاجواء السياسية المضطربة بين البلدين وما رافقها من استياء سوري إزاء بعض المواقف والتصريحات التي ادلى بها السنيورة خلال زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة، فإنها لم تعد كذلك اليوم بعد «الرسائل» الثلاث المرحبة بقدوم السنيورة، لكنها انتقلت الى مكان آخر عنوانه «الإعداد الجيد» للزيارة كما قال الأسد، والتحضير لـ«جدول أعمال» كما أعلن السنيورة.
جدول الأعمال هذا كم يلزم من الوقت لإنجازه؟ شهر... شهران أو أكثر؟
سؤال طرح على رئيس الحكومة مساء اول من أمس خلال مقابلة تلفزيونية اجريت معه فأجاب: «فور عودتي من قمة الخرطوم، وبناء على طلب الرئيس الأسد، استدعيت الأمين العام للمجلس الاعلى اللبناني ــ السوري نصري خوري وتمنيت عليه أن يدرس مع الإخوة السوريين، بحكم موقعه، الأفكار التي وضعناها من أجل جدول أعمال للبحث، وما جرى أننا لم نصل الى نتيجة ولم يعد السيد خوري بجواب».
الكرة اذاً في ملعب دمشق، هذا ما عناه الرئيس السنيورة مبرراً عدم قيامه بالزيارة، بينما المعلومات تفيد بأن المسؤولين السوريين لم يتلقوا جدول أعمال بالمعنى الدقيق للكلمة بل ربما تبلغوا أفكاراً تتضمن الخطوط العريضة للجدول الموعود. من هنا جاءت الزيارة التي قام بها نصري خوري الى السنيورة صباح أمس، والتي جرت غداة الكلام المشجع للرئيس الأسد تجاه السنيورة. وقد أعلن خوري عقب اللقــــــاء: «اننا نعمل على التحضير لزيارة الرئيس السنيورة الى دمشق بشكل جيد لكي تكون الزيارة ناجحة». وعلمت «الأخبار» أن خوري توجه، فور انتهاء اجتماعه مع رئيس الحكومة الى دمشق «للعمل على ترتيب الزيارة المرتقبة وحل بعض الأمور العالقة» على حد قوله.
هذا وكان السنيورة قد ألمح في أكثر من حديث تلفزيوني، الى ما سيتضمنه جدول الأعمال المنوي بحثه في دمشق والذي حدد عناوينه على النحو الآتي:
ــ البحـــــث في ارســــــــاء علاقات مبنية على الاحترام المتبادل.
ــ ضرورة إقامة علاقات ديبلوماسية وفتح سفارة في كل من بيروت ودمشق.
ــ معالجة قضايا الحدود بما فيها الترسيم، واتخاذ الاجراءات لضبطها.
ــ البحث في قضايا الجماعات التي تتأثر بسوريا وكذلك في موضوع الفلسطينيين وغيرهم.
ــ مسائل أخرى يجب مقاربتها بكثير من الموضوعية والسعي إلى إيجاد حل لها.
وفي انتظار الاتفاق على جدول الأعمال وجعل طريق السنيورة الى دمشق «سالكة وآمنة»، ثمة من يسأل في لبنان وفي سوريا ايضاً، اذا كانت الزيارة ستتم قبل تقرير المحقق البلجيكي سرج براميرتس أم بعده؟
مصادر رئيس الحكومة استغربت هذا الطرح وأوضحت عبر «الأخبار» أن الرئيس السنيورة «حين تقدم من الرئيس الأسد في الخرطوم طالباً زيارة دمشق لم يكن هناك لا تقرير براميرتس ولا غيره. القضية معروفة: هناك جدول اعمال أرسل الى دمشق ونحن في انتظار الرد عليه».