المنية ـ نزيه الصديق
رُفع الستار في بلدة بحنين ــ المنية عن نصب تذكاري يمثل صورة للأسير يحيى سكاف والأسرى اللبنانيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، بحضور ممثلي الفصائل الفلسطينية والهيئات الإسلامية والأحزاب والقوى اللبنانية وذوي الأسير. أمّا حضور أهالي البلدة في الاحتفال فكان خجولاً بسبب الصراعات السياسية التي نشأت في أعقاب تطورات العام المنصرم.
ألقيت في الحفل كلمات شدّدت على الاستمرار في العمل الجاد من أجل إطلاق سراح الأسرى، مع التأكيد على ضرورة إيلاء هذا الموضوع الأهمية من الجهات الرسمية المعنية بهذا الملفوتأتي إزاحة الستار عن اللوحة بعد أخذ ورد بين لجنة وذوي الأسير يحيى سكاف وبلديات المنطقة. ونقل النصب من المنية حيث كان من المفترض أن يُوضع في ساحة تقع جنوبي المنية قبل بداية العدوان الإسرائيلي على لبنان، إلا أن الأمور بدأت تتضح بعد ضغوط وتدخلات سياسية، إذ كشفت المعلومات التي تلت العدوان عن نية لمعارضة البعض وضع النصب عند مدخل المنية الجنوبي تغطية لرغبتهم بعدم إقامة النصب أصلاً. ويعود ذلك لأسباب سياسية متعلقة بالسجالات السياسية الموجودة في المنطقة منذ فترة، انعكاساً للسجال على المستوى الوطني العام. وهو سجال لم يكن موجوداً في المنية في أحلك الظروف التي مرت بها البلاد، وخاصة في الحرب الاهلية، حيث كانت المنطقة رائدة في ردف المقاومة بالمقاومين الذين استشهد منهم العديد، وأسر آخرون.
بدا مشهد رفع الستار يتيماً، محزناً، خجولاً في بحنين، بلدة الأسير سكاف الذي فقد والدته التي ناضلت لسنوات مع اللجان الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر الدولي، من أجل إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية، إلا أن وفاتها حالت دون لقائها بنجلها الأسير. وبدأ الخلاف يأخذ طابعاً خطيراً من الفرقة والتباعد في البلدة.
ومع هذا الجدل والأخذ والرد الذي دام فترة ثلاثة اشهر، فضّلت عائلة الأسير سكاف عدم إثارة البلبلة وقطع الطريق على التأويلات والتفسيرات والاستغلال السياسي لقضية الاسير، فعمدت إلى التبرّع بقطعة أرض ثُبِّتت فيها صورة الأسير سكاف والأسرى اللبنانيين.
وللمنية تاريخ زاخر بالعطاء للقضايا الوطنية والعربية المحقة، إذ قدمت العديد من الشهداء والأسرى، وخصوصاً بحنين التي كان لها شهيدان هما عامر عامرية وعدنان سكاف، رفيقا درب الأسير منذ الصغر، وحتى العملية التي عرفت بعملية دلال المغربي في آذار 1978، ولم يأخذا حقهما من حيث المطالبة برفاتهما.
ولا يزال خيار ذوي الأسير سكاف والشهيد عمر عامرية وكثر آخرين، خياراً مقاوماً مثل أولئك الذين أحيوا الأمل في الحرية للأسرى وقضيتهم.