عسّاف أبو رحّال
تجاوز أهالي القرى والبلدات الجنوبية كل المآسي والمشاكل التي لحقت بمنازلهم وقراهم نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية، ولبّوا دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للمشاركة في مهرجان الانتصار الذي أقيم في ضاحية بيروت الجنوبية.
وللمناسبة شهدت المنطقة الحدودية زحفاً بشرياً نحو العاصمة. وإن اختلفت النسبة بين قرية وأخرى، تبقى المشاركة ضمن الإطار الكثيف، رغم الدمار الذي طال غالبية القرى. وجاءت المشاركة الحزبية على المستويين الرسمي والشعبي، وكانت لافتة بعيداً من رفع الشعارات والأعلام الخاصة.
وفي بلدة الخيام المنكوبة، طغى الحس الوطني المقاوم على إزالة آثار العدوان وإعادة الإعمار، حيث استفاق الأهالي من خلف أنقاض منازلهم المدمرة، ملبّين الدعوة للمشاركة، فهي بنظرهم تهمّ الجميع من دون استثناء.
ورأى محمد علي حمود «أن منزله المدمّر أمر ثانوي قياساً بالمناسبة الوطنية التي هي واجب إنساني ووطني وشرعي وديني، ونحن سنثبت للغرب وإسرائيل أن الحضارة تتجلى عندنا وخصوصاً على تراب الجنوب». وأضاف: «منازلنا المدمرة يمكنها الانتظار لأن مشهد الدمار القائم اعتدنا عليه منذ عام 1948، والإقامة داخل خيمة ليس بالأمر المعيب، بل أمر طبيعي لمَن يريد الوقوف بوجه أميركا وإسرائيل».
واقع محمد لا يختلف عن غيره من أبناء بلدته. فالمواطن عزت حسان الذي دمر الاحتلال منزله واستشهد والده، ترك كل شيء خلفه، متجاهلاً ما يدور في الخيام من جهود ومساع حثيثة لإزالة مشهد الدمار. فالمناسبة عنده هي إحدى حلقات المقاومة ضد الاحتلال ووفاءً لدماء الشهداء الذين هم «أحياءٌ عند ربهم يرزقون».
أما صبحية طعان الباشا، وحيدة منزلها، فخشيت أن تصبح أيضاً وحيدة بلدتها. فلبّت الدعوة في مشاركة يمكن القول إنها عكست صورة صمود الجنوبيّين في وجه الاحتلال.
واللافت اليوم في بلدتي الخيام ودبين وغيرهما من القرى الجنوبية، توقف ورش العمل في إزالة الركام بسبب غياب أصحاب المنازل المهدمة. ومعها غابت كل النشاطات، وتوقفت حركة الآليات والشاحنات ليخيّم صمت ليس طويلاً ينسحب على غالبية القرى والبلدات الحدودية التي أرادت التعبير عن وفائها للمقاومة.