نادر فوز
إنه يوم الانتصار... يتوجهون من قلب المدينة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت سيراً على الأقدام، حاملين أعلاماً حزبية. ومنهم أيضاً من اكتفى بالسير، متخلّياً عن الأعلام والصور والشعارات الحزبية. يشاركون لأنهم اعتبروا أنفسهم من «الشرفاء»، من المناضلين المدنيين الذين ساهموا في انتصار المقاومةطارق يجرّ ابنه، إبن الخمس سنوات، ويسير. اكتفى بالتوجه عاري اليدين. تعب ابنه حين كان لا يزال عند كورنيش «سبق الخيل». «دعا السيد كل الشرفاء للمشاركة في الاحتفال»، يقول طارق، الذي يرى أنّ انتصار حزب الله هو لكل اللبنانيين، يتخطى كل الطوائف والأحزاب «إلا اللي عادد حاله بصف الإسرائيلي». لا ينتمي طارق لأي من الأحزاب، بل يؤمن بقضية محقة تتخطى بدورها الأحزاب، قضية فلسطين وتحرير الأراضي العربية.
في الساحة التي احتضنت مئات آلاف المشاركين، تقف إيمان وزوجها وولداها على الحياد، من دون إطلاق أي هتاف. ابنتها الصغرى حملت علم لبنان. امتنعت من ذكر مكان قدومها. «بدي علّم ولادي روح الوطنية»، تقول إيمان. كانت تنتظر ظهور «السيّد»، لعلّ «صورته تشبّع هالشعب». ذكرت تلك السيدة التي هداها «السيّد» عباءته، تمنّت لو كانت مكانها لتحظى بهذا الشرف، ثم قالت مازحةً «خدلي صورة بركي شافها السيّد وقرر يهديني عبايته!».
صعد السيّد حسن نصر الله إلى المنبر. كان بلال هادئاً. لكن كلمة «تشافيز» التي أطلقها «السيّد» أثارت به الحماسة. صفّق، «صفّر»، قفز... شارك بلال لاعتقاده أنّ المقاومة في لبنان تواجه المشروع الأميركي، كما يفعل تشافيز في أميركا اللاتينية. يعترف بلال بانتمائه اليساري، لكن غير الحزبي. «ان شا الله يتوحد تشافيز والسيّد وإيران والصين»، يقول بلال. «أنا جيت لإنو بس السيّد، لو حدا غيرو ما بجي». فهو يرى أنّ الأحزاب في لبنان لا تنفع، لكن قائد المقاومة «غير عن كل العالم».
سمير مشارك آخر توجه إلى الاحتفال بالانتصار من تلقاء نفسه من دون تعبئة من أي حزب أو تيار سياسي. يقول إنّ «الجَمعة حلوة» بين أطراف عديدة رغم الفارق الفكري والعقائدي، «إنو شو جمع حزب الله والشيوعي والقومي؟» يتساءل سمير، ثم يجيب «المقاومة». يعتقد أنّ التحالف بين «التيار» وحزب الله أمر جيّد. تمنّى لو أنّ كل هذه الأحزاب تجتمع في جبهة واحدة وموحّدة، فهو يدعم كل تيار «بشي وإذا اجتمعوا بيعملوا نفضة بالبلد».
جمع احتفال أمس بين مناصري العديد من التيارات السياسية ومشاركين آخرين دفعهم خطاب السيّد حسن نصر الله إلى التخلّي عن استقلاليتهم والمشاركة في «مهرجان الانتصار». كان «السيّد»، وظهوره العلني الأول بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، العامل الأبرز لاحتشاد هؤلاء، فوحّدهم بشخصيته وقضية مقاومته المنتصرة.