بنت جبيل ــ داني الأمين
ما كادت الحياة تعود الى مدينة بنت جبيل وقرى قضائها، حتى عادت واختفت اليوم، بعدما لبّت غالبية أهالي المنطقة نداء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وتوجهت منذ الصباح الباكر والبعض أمس الى الضاحية الجنوبية، ومن بقي كان عذره الظرف القاهر وإن تعددت أسبابه، مع تعويض لا بديل منه هو متابعة المهرجان عبر شاشة التلفاز، مع ملاحظة غصة كبيرة عند أقرباء الشهداء الذين كانوا يفضلون المشاركة المباشرة في «النصر الإلهي»، ولكن ما باليد حيلة.
آمنة عواضة التي نجت بأعجوبة من إحدى مجازر عيترون، والتي فقدت 9 من أقربائها المباشرين، قالت بحرقة «يا ليتني أستطيع الذهاب الى المهرجان، ولكن ما باليد حيلة، فسيارتي طالها القصف وأمي الجريحة تحتاج الى عنايتي الدائمة، وعلى كل حال السيد حسن هو الذي يعلم ماذا يجب فعله».
أما حسين الأخرس الذي وصل عشية المهرجان من كندا، والذي فقد أباه و11 من أقربائه في مجزرة عيترون الأولى، ولم يستطع حضور المهرجان، فيقول «يجب أن يجتمع الجنوبيون في المهرجان لكي يسكتوا من يتهمنا بالخطأ، فنحن من تحمّل كل مآسي العدوان. وعلى الجميع أن يستخلصوا العبر من الماضي ويدركوا أن الوطن يحتاج الى الوفاق والأمانة وتحمّل المسؤولية».
كذلك رأى علي خنافر، والد الشهيد كاظم خنافر، الطالب الجامعي الذي استشهد أثناء المواجهة مع العدو الاسرائيلي، أن «على جميع اللبنانيين المشاركة في هذا المهرجان الذي يعبّر عن أن النصر هو لكل لبنان وليس لفئة معينة، وأن من يلوم المقاومة بعيد كل البعد عن معاناة الجنوبيين وأهمية الدفاع عن أمنهم وكرامتهم». وشدد على أهمية المحافظة على السلم الأهلي ضمن إطار المحافظة على الكرامة. وسأل «كيف لا يوجد انتصار وغالبية أهالي الجنوب المدمّر، كباراً وصغاراً، تركوا منازلهم وأعمالهم وذهبوا صباحاً ليحتفلوا بهذا الانتصار مؤمنين بأهمية المقاومة ودورها؟». ويتابع: «الدول المتحاربة تعمد عادة الى تضخيم قوّة العدو لتظهر مدى صمودها وقوتها، لكننا نحن لم نفعل ذلك لأن عدونا مشهود له بالقوة وضخامة ترسانته المسلحة، وعلى رغم ذلك لم يستطع أن يحقق أي هدف من أهدافه التي أعلنها قبل أن يشن الحرب علينا».