باريس ــ بسّام الطيارة
من يقود الأسطول البحري الذي يراقب الشواطئ اللبنانية بانتظار وصول القوة الألمانية؟ يريد الفرنسيون التلميح إلى ان مجموعة السفن الحربية اليونانية والبريطانية والإيطالية هي تحت إمرة فرنسية، غير أن واقع الأمر مختلف تماماً. فخلال الفترة الفاصلة بين رفع الحصار ووصول الأسطول الألماني برفقة سفن من النروج والدانمارك والسويد لتشكيل ما بات يسمى «اليونيفيل البحرية»، القيادة معقودة لإيطاليا وتلعب حاملة الطائرات «غاريبالدي» دور مركز قيادة العمليات.
وتقول مصادر فرنسية إن الحكومة الإيطالية كثفت جهودها لدى قيادة القوات الدولية في مجلس الأمن لتسلّم قيادة القوة البحرية بانتظار قيادة القوات الأرضية في بداية السنة المقبلة. وسبّب ذلك بعض الإحراج لوزارة الدفاع الفرنسية التي فضلت «عدم التواصل حول موضوع قيادة القوات البحرية». وتفسر هذه المصادر التكتم على جنسية القيادة بأن إيطاليا لم تعطِ في بداية الأمر «الضمانات الكافية لإسرائيل»، ممّا حتّم إبراز الدور الفرنسي للتعجيل برفع الحصار.
وصرّح مصدر مسؤول في الإليزيه بان الرئيس جاك شيراك قد أجرى اتصالاً تلفونيا برئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت للبحث معه في المبادرات الفرنسية، خصوصاً تلك المتعلقة بعقد مؤتمر دولي لإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط.
أما نشاط «اليونيفيل البحرية» فكان حافلاً منذ رفع الحصار البحري الإسرائيلي في ٨ أيلول. فقد تم «استجواب» ٣٨٠ باخرة «وجدت في شرق البحر الأبيض المتوسط». وتصف هذه المصادر «طريقة التعامل» مع البواخر التجارية كما يلي: ما إن تظهر على شاشات الرادار أو «السونار» باخرة في منطقة عمل القوة البحرية (ترفض الجهات تحديدها بالدقة لظروف أمنية)، حتى تنطلق نحوها طائرة هليكوبتر لتأخذ صورة لها ولتتأكد من اسمها حسب لوائح اللويد لتأمين بواخر الشحن. وبعد ذلك، تبدأ عملية استجواب قبطان الباخرة عبر أجهزة اللاسلكي حول مرفأ الإبحار ومرفأ الوجهة النهائية ومحطات التوقف إذا وُجدت، والحمولة.
ويتم نقل هذه المعلومات عبر الكومبيوتر إلى مركز باخرة القيادة التي ترسله إلى «مركز المعلومات البحرية» التي تدرس بالتعاون مع «أجهزة أمن الدول المعنية» انسجام المعلومات المعطاة مع المعلومات المتوافرة لديها. ويقول أحد المسؤولين «انه من حيث المبدأ» إذا وُجدت شكوك في نوعية الحمولة أو في إفادات القبطان «يتم الاتصال بالقوات البحرية اللبنانية» التي تتوجه لتفتيش الباخرة. ولكن يعترف الجميع بأن تجهيز البحرية اللبنانية ضعيف جداً ويقتصر على قوارب سريعة طولها ثمانية أمتار وعدد محدود طوله عشرون متراً. ويبدو أن قواعد العمل هذه سوف تتغير مع وصول القوة الألمانية، إذ تقول مصادر مقربة من الملف البحري لليونيفيل بأن ألمانيا حصلت على «حق تفتيش السفن» في المياه الإقليمية اللبنانية وهذا ما لم يكن ممكناً في بداية الأمر.
وتمتنع المصادر عن الدخول في دقائق انتشار القوات الراهنة وقواعد عملها إذا رفضت باخرة الامتثال للأوامر، ولكن يمكن تأكيد وجود الأسطول الفرنسي على طول خمسة وأربعين ميلاً من قبالة بيروت حتى «مكان ما في مواجهة الشواطئ السورية». وتؤكد هذه المصادر أنها إلى جانب مهمة تفتيش البواخر القادمة إلى المياه الإقليمية، تسعى أيضاً إلى ضبط حركة «السفن التي تبحر بجانب السواحل» لمنع عمليات التهريب المختلفة.