بعد اجتماعات طويلة تخلّلها نقاش وصل الى درجة الحدّة أحياناً، توصّل مجلس القضاء الأعلى الى مشروع للتشكيلات القضائية. ورغم شعارات الديموقراطية ومشروع بناء الدولة الحقيقي الذي أطلقت بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، يبدو أن التدخل السياسي في القضاء ما زال قائماً.
عمر نشابة

دخل قضاة لبنان مرحلة حبس الأنفاس ترقباً لما سيصدر عن مجلس القضاء الأعلى اليوم بشأن التشكيلات القضائية. إثر معلومات تشير الى أن المجلس أنهى دراسته ووضعها في صفتها النهائية حيث يفترض أن يحيلها بعد إقرارها الى وزير العدل شارل رزق الذي يفترض به توقيع المشروع قبل إحالته مجدداً الى وزير الدفاع الياس المر ومن ثم الى رئيسي الجمهورية والحكومة لإصدار مرسوم يجعله ساري المفعول.
لكن انفجار الأزمة بين قوى 14 آذار من جهة والرئيس نبيه برّي ونواب حركة أمل على خلفية تصرّفات وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت والإجراءات التي اتخذها بحقّ مدير عام الأمن العام اللواء وفيق جزيني، ستصعّب عملية «تمرير» التشكيلات القضائية لأنها تحتاج الى توافق وإجماع القوى السياسية. وهذا ما يفرض مناخاً جديداً لدى القضاة لمعرفة مدى انعكاس الأزمة السياسية على التشكيلات القضائية، وخصوصاً أن هذه الأزمة ستسمح بتدخّل أوسع نطاقاً في كلّ تغيير، ولو كان ذلك التغيير مرتكزاً على متطلبات مهنية وعملية وحتى منطقية.
وفي ظل التكتم الشديد حول الأسماء والمراكز التي شهدت تغييرات، ورغم أن مصادر قضائية سبق أن أكدت أن هذه التشكيلات لن تكون شاملة ولن تتضمّن تغييرات في المراكز التي هي موضوع تجاذب وصراع سياسي، فقد علمت «الأخبار» من مصادر مطّلعة أن التشكيلات حسمت لناحية نقل قضاة في مواقع أساسية واستبدالهم بآخرين مثل:
نقل قاضي التحقيق الأول في بيروت عبد الرحيم حمود الى مركز آخر على أن يعين مكانه قاض محسوب على تيار «المستقبل» والأسماء المطروحة القضاة: مالك عبلا، وليد عاكوم ومختار سعد.
- نقل النائب العام الاستئنافي في بيروت جوزف معماري المحسوب على رئيس الجمهورية إميل لحود وتعيين قاض آخر محله يرجح أن يكون كلود كرم. لكن هذه المعلومات عادت ونفتها مصادر رفيعة لـ“الأخبار” أمس وقالت إن النائب العام معماري سيلتزم مركزه لأن القوى السياسية لن تتوصّل الى اتفاق حول البديل وخصوصاً بعد انفجار الأزمة الأخيرة.
- نقل النائب العام الاستئنافي في البقاع عبد الله بيطار وتعيين قاض آخر مكانه محسوب كسلفه على تيار «المستقبل». ثالثاً تعيين القاضي جورج كرم قاضي تحقيق أول في جبل لبنان مكان القاضي جوزف القزي الذي سيعين رئيساً لمحكمة التمييز العسكرية. لكن مصدراً سياسياً رفيعاً أفاد «الأخبار» مساء أمس أن «رئيس الجمهورية لا يمكن أن يوقع مرسوماً يمسّ بموقع القاضي القزّي أو بموقع القاضي جان فهد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية».
- تعيين القاضي غسان عويدات نائباً عاماً في الشمال مكان القاضي المرحوم ريمون عويدات، إلا أن ذلك يلقى اعتراضاً من النائبة نايلة معوّض وتيار «المستقبل» والقوات اللبنانية لذا قد يعيّن القاضي عدنان بلبل نائباً عاماً استئنافياً في الشمال. خامساً، سوف يجري تعيين القاضي صقر صقر قاضي تحقيق أول في الشمال بدلاً من القاضي خليل اسماعيل.
- تعيين القاضي جميل بيرم رئيساً لمحكمة التمييز المدنية على أن يملأ مكانه في الهيئة الاتهامية القاضي ماجد مزيحم المحسوب كسلفه على رئيس مجلس النواب نبيه بري.
- تعيين القاضي سامي منصور، المحسوب على القوى المعارضة لـ14 آذار، رئيساً لمعهد الدورس القضائية مكان القاضي شبيب مقلد الذي أحيل إلى التقاعد.
- تعيين القاضي أمين بو نصار رئيساً لمحكمة التمييز الجزائية.
- تعيين القاضي ربيع الحسامي محامياً عاماً استئنافياً في بيروت وهناك نقاش حول اقتراح تعيين القاضي الياس عيد (المحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري) نائباً عاماً استئنافياً في جبل لبنان. ورجّحت المصادر لـ“الأخبار” تعيين القاضي وليد القاضي المحسوب على النائب وليد جنبلاط قاضي تحقيق عسكرياً أوّل مكان القاضي رشيد مزهر، لكن بعض القضاة استغربوا ذلك لأن القاضي القاضي لا يتمتّع بالخبرة الكافية ليشغل مركزاً بهذه الحساسية.
وعلمت «الأخبار» أن مجلس القضاء الأعلى سيوصي باستحداث غرفة إضافية لمحكمة جنايات بيروت، يرجح أن يرأسها القاضي نديم عبد الملك. وسيوصي المجلس أيضاً باستحداث ثلاث غرف إضافية لدى محكمة التمييز وهو مشروع قديم جرى تنفيذه الآن بهدف الإسراع في بت آلاف الدعاوى العالقة في التمييز منذ سنوات.