strong>جعجع تفقّد الترتيبات فجراً ومعوض وصلت على دراجة ناريةغسان سعود

قبل أكثر من أربع وعشرين ساعة من موعد قداس ضحايا "القوات اللبنانية"، وصلت ساندي يونان، الناشطة في "القوات"، ورفاقها الذين قارب عددهم ثلاثمئة إلى بازيليك سيدة حريصا. فتوزعوا على مجموعات بحسب دوائر مصلحة الطلاب في القوات اللبنانية. وبدأوا العمل، قبل أن يطل عليهم النائب جورج عدوان. ويلحقه عند الثالثة فجراً وفقاً ليونان، قائد "القوات" سمير جعجع، فاطمأن إلى التحضيرات ومكان المنصة وسائر الترتيبات، وسط تذمر الشباب الذين شاهدوه "من بعيد" لأن الإجراءات الأمنية منعتهم من الاقتراب منه.
أميركا حاضرة
اختار البعض البقاء من دون نوم حتى السابعة صباحاً حين بدأ توزيع بطاقات "اللجنة التنظيمية" وأخذ المواقع في الأماكن المحددة. كانوا جميعاً يرتدون "جينز أزرق وتيشرت سوداء" وفقاً لما اتفق عليه سابقاً. ومعظم الفتيات ربطن علم القوات حول خصورهن، فيما "صدف" ارتداء عدد كبير من الشباب "تيشرت" سوداء عليها عبارة "FBI". وأكد الشباب أن المشاركة في "يوم الشهيد" إلى جانب "الحكيم" هي أمر تاريخي بالنسبة اليهم.
عند الثامنة صباح أمس بدأ القواتيون بالوصول إلى البازيليك التي زينت بصور قديمة للحكيم تعود إلى مرحلة ما قبل سجنه. ومن ساحة جونية إلى قلبها الروحي، بدا الحشد استثنائياً براً وجواً، وخصوصاً أن رسم الركوب عبر آليات تلفريك حريصا صعوداً ونزولاً خفضت إلى 3 دولارات للشخص الواحد، بموجب اتفاق بين "القوات اللبنانية" وإدارة التلفريك. وانتشرت مواكب القوات ومكبرات الصوت التي بثت أغاني قديمة تعيد طرح مشاعر وأفكار يُفترض أنها أصبحت من ماضي "القوات". وبرزت لافتات تقول "لولا شهداؤنا لمرت طريق القدس في جونية". وبدا منذ الصباح أن القوات ستحضر بقوة وبدعم بشري من حلفائها فاختلطت الأعلام التقدمية بالأعلام القواتية، ورغم تأكيد الطرفين غرابة المشهد، اعتبرا أن القرار يعود إلى القيادة! فيما سجلت أعداد كبيرة من أعلام الولايات المتحدة الأميركية.
مشهد مكرر
يبدو المشهد تكراراً لمشاهد كثيرة من لقاءات القوات، غاب شعار "براءة براءة سمير جعجع براءة" وحضر الهتاف ضد الرئيس إميل لحود. ودلت اللهجات المتنوعة وإمضاءات اللافتات على التنوع المناطقي المسيحي بين الحاضرين. والغالبية كانت من منطقة بشري. وخصوصاً أن طلاب "القوات" أمنوا باصات النقل من مناطق الشمال إلى حريصا. كانت الدعوات والتحضيرات للمهرجان قد بدأت قبل أكثر من أسبوعين. ولم يحمل اللقاء جديداً على الصعيد الشعبي، هنا لافتة تحيي أبو سمير في إشارة إلى البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير، وهنا لافتة أخرى تؤكد سقوط النظام الأمني وبقاء القوات. وهنا أخرى تشير إلى أن "المسيحيين هم أكثر من دفع الأثمان لقيام الدولة وهم لا يحبذون بأي شكل من الأشكال بقاء أي سلاح خارج إطار الشرعية". وهنا نجد أن "شرط تحقيق التوازن يبدأ بقيام الدولة".
أجمل لحظتين
تقول ساندي إن أجمل لحظتين في حياتها، تمثلتا في لقاء أهالي الشهداء والتعرف إليهم، ورؤية الحكيم لحظة وصوله. تقول إنها شعرت بمعنى ما تردده منذ الطفولة بأن "بشير حي فينا"، ففهمت أن "بشير لم يمت إنما انتقل! وأن روحه، روح العنفوان والنضال والمقاومة موجودة في كل مقاوم في القوات اللبنانية، وخصوصاً في القائد سمير جعجع!".
وبانتظار بدء القداس، الجمهور يؤكد أن دائرة القوات مكتوبة بالنار، ويعلن بيديه تمسكه بالدلتا التي تخلت عنها قيادة القوات، ويعاهد العالم بأن القواتيين سيبقون "ملائكة هذا الشرق وشياطينه".
الوزيرة نايلة معوض تصل إلى القداس على دراجة نارية. السيدة ستريدا جعجع تمسح عرق زوجها وتلاحقه بنظراتها. تقبل النائبة صولانج جميل من دون أي ابتسامة. جعجع يمازح النائب نعمة الله أبي نصر ممثل العماد ميشال عون ثم يتجه للسلام على مصابي وجرحى القوات واحداً واحداً. السيدة صولانج جميل تعيد ترتيب الماكياج مرتين. ورغم تأكيد جعجع سابقاً أن المناسبة هي للصلاة فقط وليست مناسبة لمواجهة أي تجمع آخر، فمعظم الحاضرين انشغلوا بالاطمئنان إلى حجم حشدهم مقارنة بحشد مهرجان الانتصار، والهتاف ضد السيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون. أما كلمة الحكيم فكانت عكس ما جاء في الدعوة من حيث استقلاليتها عن كلام الجمعة. وكما تداخل في كلام السيد، الديني والدنيوي، نوّع جعجع بين الاثنين كقوله إن "الأرض والسماء تزولان وحرف واحد من كلامك يا رب لا يزول". ثم يخبو البعد الديني لصالح التحدي والفرح بالانتقام كما بدا تفاعل الجمهور لحظة قوله "انحبسوا هم وتحررت القوات. انهزموا هم، وانتصرت القوات. رحلوا هم وبقيت القوات".
وكانت الكلمة تماماً كما يشتهيها الجمهور الحاضر، الذي بدا غاضباً على المقاومة لأقسى حد. إلا أن ساندي و"رفاقها" فشلوا في إثارة غرائز من غابوا عن مهرجان النصر ليصنعوا يوماً شبيهاً بالرابع عشر من آذار، الذي قيل إن تظاهرة الثامن من آذار سببته.