هناك البط والإوز، و«ذكر» الحمام المصري، وأثاث المنازل، والتلفزيون، والكومبيوتر، وأجهزة اللايزر
طرابلس ــ فريد بو فرنسيس

كل الأشياء مجتمعة ومتجاورة في السوق. منها القديم التراثي، ومنها الحديث الإلكتروني، ومنها الطيور والحيوانات والماشية والنباتات، ومنها التكنولوجيا المعاصرة. هناك البط والإوز، و«ذكر» الحمام المصري، وإبرة «بابور الكاز» المنقرض، إلى البراد، والغسالة وأثاث المنازل، والتلفزيون، والكومبيوتر، وأجهزة اللايزر.
هو سوق الأحد القديم الذي اكتسب حلّة جديدة بعد أن أدخل الباعة إليه صنوفاً متنوّعة من الأغراض والبضائع. يتجوّل المواطن فيه، فيتوه في بسطاته المتنوّعة من دون أي انسجام. وهو من الأسواق القديمة التي ظل السكان يعتمدونها، حيث كان التجار يتوافدون يوماً محدّداً في الأسبوع إلى مدينة معينة لعرض بضاعتهم. وهناك أمثلة عديدة على ذلك، من سوق الخميس في النبطيّة إلى سوق الأحد في طرابلس. وكان سوق الجمعة في العقد المنصرم يقام قبالة الجامع المنصوري الكبير في وسط طرابلس القديمة. ونتيجة الازدحام الذي بات يسببه بعد توسّع معروضاته، ارتأت البلدية نقله إلى مكان آخر قرب مستديرة نهر أبو علي، ثم إلى فسحة كبيرة معزولة شرقي قلعة طرابلستحوّل العرض في السوق من البسطة على حصيرة كانت تلقى على قارعة الطريق ويفرش عليها صاحبها أغراضه وخرضواته من أقفال قديمة وبراغ ومعدات بسيطة، الى سوق شعبي وبعض طاولات وواجهات تعرض فيها البضائع المختلفة، ومنها التراثيات التي تحظى باهتمام عدد من الميسورين الذين يحوّلون هذه «الأنتيكا» الى «فازات» وتحف فنية في منازلهم وقصورهم.
أبو أيمن (60 عاماً) اعتاد بشكل دائم زيارة هذا السوق منذ أكثر من 15 عاماً. وأصبح «مدمناً زيارة سوق الاحد حتى لو لم أكن في حاجة لشراء أي شيء، فالنزهة داخل السوق تعني لي الكثير». صبيحة كل احد، يستيقظ باكراً، ويستقل سيارة أجرة لينزل من منطقة الكورة إلى طرابلس قاصداً السوق، فيمضي فيه أكثر من سبع ساعات، متنقلاً بين المعروضات، ومتحدثاً الى العارضين، القادمين من معظم مناطق الشمال.
ويقول أبو أيمن: «أغلب المعروضات المطلوبة من الزبائن هي عادة الاشياء الاثرية، والتحف القديمة التي يرغب المواطنون في شرائها من أجل الاحتفاظ بها داخل منازلهم. كذلك هناك معروضات حديثة تشكّل حلاً للفقراء خلال الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. ولذلك تجد مثلاً سيّدة تشتري لعبة لابنها لا تستطيع تحمّل ثمنها من محالّ جديدة، أو قطعة كهربائية معدّلة كالمولينكس، أو تلفزيوناً صغيراً ملوّناً بسعر لا يتعدّى 15 ألف ليرة لبنانية».
سوق الأحد، سوق اعتاد الناس على زيارته باستمرار. وأصبح محطة هامة في حياتهم التسويقية، وهو أشبه بصندوق الفرجة لكثرة الاشياء التي يحويها. ورغم أسعاره المقبولة، ترى الجدال مستمراً بين البائع والشاري. ومتى رضي الطرفان، هدأت المعركة، وفاز البائع بماله، والشاري بالسلعة المطلوبة.