انطوان سعد
بعدما اطلع البطريرك الماروني نصر الله صفير على مشروع تعديل النظام الداخلي للرابطة المارونية وواكب مراحل إعداده، سلّم رئيس الرابطة المارونية الوزير السابق ميشال إده الرؤساء السابقين وعدداً محدوداً من الأشخاص في الأيام الماضية نسخاً عنه لإبداء الرأي تمهيداً لعرضه على الجمعية العمومية في النصف الثاني من تشرين الأول المقبل. وسيصبح مشروع تعديل نظام الرابطة في متناول جميع أعضائها ابتداء من الأسبوع المقبل الذي سيشهد أيضاً بدء النقاش في موضوع لا يقل أهمية عن الأول وهو انتخابات المجلس التنفيذي للرابطة المارونية المتوقع أن تجري خلال مدة شهر بعد إقرار تعديل نظام الرابطة.
تقوم روحية مشروع التعديل على تنظيم حازم للرابطة يطمح إلى سد الثغرات التي ظهرت في الممارسة منذ إنشائها عام 1952، وعلى ربط الرابطة باتفاق توقّعه، بعد إقرار المشروع، مع المؤسسة المارونية للانتشار التي شكّلها البطريرك صفير في السابع والعشرين من حزيران برئاسة الوزير السابق ميشال إده لتوفير تمويل نشاطات الرابطة المارونية المتعلقة بالانتشار. وفي قراءة للمشروع تبدو التعديلات المقترحة كأنها إجابة عن المشاكل الأساسية التي يشتكي منها أعضاء الرابطة وهي:
ــ إلزام المنتسبين بتسديد الاشتراكات في شكل منتظم، وفي موعد محدد ينتهي في شهر شباط من كل عام تحت طائلة فقدان العضوية.
ــ تحديد بدل اشتراك سنوي متحرك كفيل بتغطية مصاريف الرابطة التشغيلية التي يقرها المجلس التنفيذي في كل عام.
ــ تحقيق تمثيل متوازن بين مختلف القطاعات المهنية من السياسيين والعسكريين المتقاعدين والاقتصاديين وأصحاب المهن الحرة والمثقفين والإعلاميين وغيرهم بحيث لا تغطي فئة على أخرى، كما حصل في بعض الأوقات عندما كان الموظفون والمتقاعدون من الإدارة العامة والقوات المسلحة أكثرية مؤثّرة على اتجاهات الرابطة. وقد حدد المشروع نسبة 15 في المئة حداً أقصى لكل فئة مهنية أو اختصاصية.
ــ إبعاد الرابطة عن التجاذبات السياسية وإبقاؤها على مسافة واحدة من جميع الأقطاب والأحزاب.
ــ تأليف هيئة مكتب من الرئيس ونائبه والأمين العام وأمين الصندوق تجتمع أسبوعياً لمتابعة سير الأعمال وتداول الأمور الطارئة والتحضير للاجتماعات الشهرية للمجلس التنفيذي الذي يضم خمسة عشر عضواً.
وسيحكم العلاقة بين المؤسسة المارونية للانتشار والرابطة المارونية اتفاق يعطي المؤسسة حق الإشراف على السياسة المالية للرابطة، إضافة إلى حق غربلة المرشحين إلى منصبي رئيس الرابطة ونائب رئيسها. إذ يلحظ مشروع النظام المعدل للرابطة في المادة الرابعة والعشرين منه إلزامية حصول المرشح إلى هذين المنصبين على توقيع ثلاثين في المئة من أعضاء مجلس أمناء المؤسسة المارونية للانتشار “بمثابة عرابة”. وتقع على المجلس التنفيذي للرابطة مسؤولية تقديم تقرير مفصّل كل ثلاثة أشهر إلى المؤسسة عن نشاطات الرابطة وعن المشاريع التي تقوم بتنفيذها، وعن أوضاعها المالية والإدارية. في المقابل، ستقدم المؤسسة التمويل اللازم لنشاطات الرابطة وبخاصة تلك المتعلقة بشؤون الموارنة المنتشرين في العالم، وبالنشاطات تعزز الروابط بينهم وبين بلدهم الأم، ومساعدة من فقد جنسيته اللبنانية على استرجاعها. ومن المقرر أن يعيّن البطريرك صفير قريباً أعضاء مجلس أمناء المؤسسة لمدة ثلاث سنوات وقد يناهز عددهم الخمسين، وسيكونون على وجه الإجمال من الشخصيات البارزة في حقول العلم والأعمال والنشاطات الاجتماعية.
ومع وضع اللمسات الأخيرة على مشروع التعديل الذي ستتبعه حتماً بعد إقرار الجمعية العمومية انتخابات للمجلس التنفيذي، بدأت التكتلات في الرابطة المارونية تتحضر لخوض المعركة الانتخابية. وتتداول أوساط الرابطة المارونية أسماء مرشحين للرئاسة من بينهم الرئيسان السابقان لها أرنست كرم وحارس شهاب وشخصيات مارونية أخرى سبق أن خاضت السباق إلى رئاسة الرابطة المارونية. ويبرز اتجاه لجمع التكتلات الموجودة في الرابطة في لائحة توافقية تحت رئاسة أشخاص يتمتعون بالاستقلالية والحياد بين المتنافسين التقليديين على رئاسة الرابطة. والجدير ذكره أن جميع المتعاطين بشؤونها يدركون بالتمام القدرة الانتخابية لكل قطب وأن المستقلين هم العدد الأكبر وإن كانوا بعيدين عن جو المنافسة، فيما يعتبر بعض الطامحين أن الوقت مبكر للكشف عن أوراقه.
لا تتوقع الأوساط المتابعة لمشروع تعديل نظام الرابطة معارضة من الجمعية العمومية لخطوطه العريضة لأن أعضاء الرابطة المارونية يدركون أن التعديلات المقترحة حتّمتها التجربة التي عاشوها في السنوات الأخيرة وتحتّمها رغبة عامة في مواجهة التحديات الكبرى التي تفرض نفسها على الموارنة اليوم ولأنهم يعرفون أن البطريرك صفير الذي يتمتع بثقتهم جميعاً واكب المشروع ويعرفه عن كثب.