strong>أحيت القوات اللبنانية أمس الذكرى السنوية لشهدائها في قداس احتفالي أقيم في بازيليك سيدة لبنان في حريصا حضره الدكتور سمير جعجع للمرة الأولى منذ خروجه من السجن وحضره ممثلان لرئيسي المجلس النيابي والحكومة وشخصيات رسمية وسياسية وحزبية ووفود رأس القداس ممثلاً البطريرك الماروني نصر الله صفير النائب البطريركي العام المطران رولان أبو جودة الذي ألقى عظة شرح فيها معنى الاستشهاد والترابط بينه وبين الصليب، وقال: المؤسف أن الاستشهاد استمر بعد نهاية الحرب وحلول السلم، فمات بعضهم في السجن أو على الطرقات وكان شهيدهم الحي الأكبر قائد «القوات اللبنانية». وبذور هؤلاء الشهداء عوضت عن عدم تمكن مناضلي «القوات اللبنانية» القسري من أداء واجبهم في ذلك الوقت، ففعلت فعلها في الشعب اللبناني وأسهمت في انتفاضته بأكمله انتفاضة تحررية وتوحيدية رائدة. ولنا في خبرة الحرب الأخيرة بعض الإيجابيات، إذا كان للحرب من إيجابيات تذكر ، ألا وهي العاطفة المتبادلة التي طبعتها في القلوب وروح التضامن والوحدة الوطنية التي خلفتها في النفوس والشعور بأننا أبناء الله الواحد وعلينا أن نعيش معاً”.
  • جعجع
    ثم ألقى جعجع كلمة بالعامية استهلها بمعاناة القواتيين في السابق من الأجهزة الأمنية وقال «ما بيصح إلا الصحيح ومرة من جديد بالتاريخ ما صح إلا الصحيح»، “حُبسوا هم وتحررت القوات انهزموا هم وانتصرت القوات وبقي لبنان. الأرض والسماء تزولان وحرف واحد من كلامك يا رب لا يزول”.
    أضاف: “هذه السنة نجتمع ليس فقط لنحيي ذكرى شهدائنا، ولكن أيضاً ذكرى الأحياء، وخلال الـ15 سنة الماضية كانت حياة كل واحد منا شهادة. وما دمتم أنتم موجودين فلا خوف على أي شي، لا خوف على لبنان”. ولفت الى أن “من الأمور التي ساعدتني في الحبس التفكير في شهدائنا فكنت أشعر في أعماقي بأنهم حيث هم مرتاحون مطمئنون لأننا بقينا أوفياء”.
    وتابع: “لولا شهداؤنا لما كان هناك مناخ ومفهوم المقاومة في لبنان، ولما كانت بقيت مساحات حرية كافية مكنت من قيام المقاومات على أنواعها. والبعض بالأمس كان يقول: نعم لبناء الدولة القوية العادلة القادرة المستقلة والنظيفة، فيما هذا البعض بذاته يعرقل قيام الدولة. كيف يمكن أن تقوم دولة وهناك دويلة الى جانبها؟ كيف يمكن أن تكون هذه الدولة قوية وكل يوم يمر السلاح والذخائر تحت أنفها؟ كيف يمكن أن تكون محترمة هذه الدولة والبعض يلزمها باستراتيجيته وبرزنامته. كيف يمكن أن تكون قادرة هذه الدولة والبعض كل يوم يحدد لها الأهداف والأولويات وطرق العمل ومن دون حق النقاش”.
    ورأى أن “هذا ليس منطق بناء الدولة بل هذا منطق عرقلة بناء الدولة، ولهذا فالدولة من سنة الى اليوم معرقلة ولهذا نريد متابعة مقاومتنا”.
    وعن سلاح حزب الله قال: “عندما نجد حلاً للسلاح يصبح بالإمكان قيام الدولة كما يجب. الرهان على الاحتفاظ بالسلاح بالقوة رهان خاطئ. لا نهدد بالسلاح بل نراهن على توق الناس للحرية والسلام والاستقرار والتقدم والتطور. نحن نراهن على منطق التاريخ. إن أي سلاح لن يستطيع أن يرغمنا على التسليم بالأمر الواقع”.
    ورأى “أن وعي القادة اللبنانيين كافة والشعب اللبناني هو الذي حمى لبنان من الحرب الأهلية”. معتبراً أن “القوة ليست بالصواريخ بل بوحدة الهدف والمصير بين الفرقاء اللبنانيين كافة“. وقال: “من يراهن على إضعاف الدولة مخطئ. أُتركوا الشعب يتحمل المسؤولية بالطرق الديموقراطية، وستكون الأرض والناس ولبنان بألف خير، لا يجوز لا للقوات الدولية ولا لغير القوات الدولية التدخل في الشؤون اللبنانية، ونعتز بانتمائنا للبنان وبصداقتنا للعالم أجمع، لا قتال شريفاً بالفرض والإكراه”.
  • خيارنا ومشروعنا
    وعن الانتصار قال: “انتصر خيارنا ومشروعنا نحن، لأننا منذ البداية، نحن من طالب بالجيش اللبناني معززاً بقوات دولية في الجنوب، وأنتم كنتم ضد ذلك. لكننا في الوقت نفسه لا نشعر بالانتصار لأن أكثرية الشعب اللبناني لا تشعر بالانتصار، بل تشعر بأن كارثة كبرى قد حلت بها وبأن حاضرها ومستقبلها في مهب الريح. كما أن الدموع التي قيل فيها إنها لا تحمي أبداً، كانت خير وأصدق تعبير عن شعور أكثرية اللبنانيين في تلك المرحلة، هل يجوز بعدُ الكلام عن انتصار. وللحقية والتاريخ أقول قبل أن يكون هناك مارون الراس والخيام وبنت جبيل، كان هناك عين الرمانة وبلا والأشرفية وقنات وزحلة. نحن المقاومة نحن «بيا واما وولادا واحفادا». هكذا كنا على مر التاريخ وهكذا سنبقى الى أبد الآبدين آمين.
    أضاف: “نحن ما زلنا بحاجة إلى مقاومة ومثلما كنا أبطال المقاومة العسكرية، علينا أن نكون الآن أبطال المقاومة السياسية السلمية الديموقراطية التي تقوم على الكلمة لا على الرصاصة، وعلى الوحدة لا على التمزق، لأن لبنان لم يكمل قيامته بعد. وما زالت الأخطار محدقة به ـــ وترون الآن ماذا تحاول إسرائيل أن تفعل ـــ ولهذا علينا الاستمرار في المقاومة”.
    ورأى أن “سوريا لا تعترف بلبنان ككيان ووطن نهائي ولهذا تستمر في محاولة تقويض استقلالنا وسيادتنا وحريتنا لتعود وتضع يدها علينا، لهذا وحّدنا جهودنا مع بقية حلفائنا لتكون مقاومتنا على مساحة الوطن ككل ونعطي كل النتائج المطلوبة منا، ونحيي كل حلفائنا في 14 آذار، وخصوصاً رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ولم يقم لبنان من جديد الا بعد أن امتزجت دماء شهدائهم بدماء شهدائنا وأصبحنا كلنا للوطن».
    ورأى أن “الخلافات في الأمور الأساسية في لبنان كبيرة، بينما هي محسومة باتفاق الطائف. والبعض يتصرف وكأن لا وجود لاتفاق الطائف وهذا سبب المشكلة التي نعيشها”.
  • فضيلة الحكومة
    وقال: “قبل حكومة الوحدة نريد وحدة وطنية والوحدة الوطنية غير موجودة إلا في اتفاق الطائف، لا حكومة وحدة وطنية من دون وحدة وطنية، ولا وحدة وطنية خارج اتفاق الطائف. والذين يريدون حكومة وحدة وطنية لا يمكنهم أن يعتزوا بصداقتهم مع سوريا، لأن سوريا لا تريد في لبنان لا حكومة ولا وحدة ولا وطنية. الذي يريد حكومة وحدة وطنية يجب ألّا يخرق كل يوم هذه الوحدة الوطنية بتصرفات أُحادية الجانب، وهم كانوا بالأمس متنكرين لها، وبقوا 15 سنة متنكرين لها، فيما كان البعض الآخر في السجن أو المنفى. الحكومة الحالية تحمل الكثير من العيوب ولكن فضيلتها الأساسية أنها لبنانية سيادية استقلالية بالفعل وليس بالقول مثل الآخرين.
    وحذر “من يخرج عن الأساليب الديموقراطية لأنه سيكون عليه مواجهة الجميع. واذا كانت الغاية سلمية وديموقراطية فلا ضرورة لأن تكون الوسائل غير سلمية أو غير ديموقراطية”.
    أضاف: “نحن بحاجة إلى أن نكمل مقاومتنا لأن هوية مزارع شبعا لم تثبت بعد ومقاومتنا في هذا المجال تكون عبر دعم الدولة لتحصل على وثيقة خطية رسمية تثبت هوية مزارع شبعا اللبنانية وتتمكن من استرجاعها من دون زج الشعب اللبناني في حروب مدمرة لا يريدها. لبنان لا يقوم إلا على التوازن، الدولة لا تستقيم الا بالتوازن، التوازن لا يستعاد “بالبكبكة”، التوازن لا يستعاد إلا بالمقاومة، وسبب عدم قيام التوازن في الدولة هو الشلل الحاصل بالموقع، المسيحي الأول بالدولة، وسنستعيد هذا المركز عاجلاً أم آجلاً. عند ذلك تبدأ المسيرة الفعلية لعودة التوازن في الدولة”.