عمر نشابة
إن مشروع الدولة الحقيقي يتضمّن خطة اعادة بناء المؤسسات الرسمية وهيكلتها. وينبغي أن تتناسب هيكلية المؤسسات الأمنية مع معايير لا يجوز الخروج عنها لأنها توفر الفعالية والعدل والنظام بكلفة مقبولة وبما يتناسب مع القانون والدستور.
المعيار الأول لإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية هو الدستور اللبناني، لا المواد المتعلّقة بالمؤسسات فحسب إنما جميع مواد الدستور التي تحدّد الأسس وسبب وجود الدولة وواجباتها. وتنصّ مقدمة الدستور على وجوب الامتثال للإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يضمن احترام خصوصية المواطنين، وينصّ الدستور على ان المواطنين سواسية أمام القانون ولا توجد صلاحيات استثنائية (على طريقة بطاقات شعبة المعلومات) لمواطنين على حساب آخرين.
أما المعيار الثاني فيجب أن يكون الديموقراطية وما يتضمّنه النظام الديموقراطي من فصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. وبحسب هذا المعيار ينبغي تحديد مرجعية المؤسسة تحديداً واضحاً. والفصل بين السلطات يتمّ أيضاً ضمن كلّ من السلطات وبحسب توزيع المهمات والصلاحيات. ولا يجوز أن تتبع كل المؤسسات الأمنية شعبة استخبارات ومعلومات كما يخطّط وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت. ولكلّ مؤسسة مدير يعيّنه مجلس الوزراء ولا يجوز أن يعيّن الوزير بالوكالة رئيس شعبة على رأس مؤسسة لا بل على رأس مؤسستين أمنيتين (الأمن الداخلي والأمن العام) متخطياً صلاحياته. وكان فتفت قد طلب إحالة مدير عام الأمن العام اللواء وفيق جزيني على القضاء بسبب رفضه الانصياع لمخطّط المركزية الاستخبارية المعلوماتية التي يرأسها ضابط في قوى الأمن الداخلي رتبته العسكرية أدنى من رتبة اللواء جزيني ومعرفته وخبرته بالأمن أقلّ.
المعيار الثالث هو الفعالية الأمنية وحماية المجتمع والمواطن. وحتى تتمكّن وزارة الداخلية ومجلس الوزراء من تحديد خصوصيات جديدة لهيكلية المؤسسات الأمنية الإدارية ينبغي أن تقوم بدراسات عن مدى فعالية هذه المؤسسات حالياً ونوع الخلل الذي تعانيه. وبعد ذلك تقوم المؤسسة بدرس فعالية التغيير الهيكلي الاداري وتأخذ بعين الاعتبار إمكان أن يحدث التغيير تشنجات بين الضباط والعاملين في المجال الأمني ما قد يؤثر سلباً على العمل والتحقيقات الأمنية.
هل يتبع الوزير أحمد فتفت هذه المعايير أو أنه يتبع برنامجه السياسي؟