ابراهيم عوض
رئيس الحكومة متمسّك بجدول الأعمال ودمشق مع «إعادة بناء الثقة» أولاً
عاد موضوع الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة الى دمشق الى نقطة الصفر، وأطفئت على ما يبدو النار الخفيفة تحت طبختها قبل نضوجها، بعدما ظلت مشتعلة طوال الأسبوعين الماضيين.
وعلمت «الأخبار» أن سبب «تجميد» الزيارة في الوقت الراهن مرده الخلاف بين السنيورة ودمشق حول عنوانها. ففيما اقترح الجانب السوري أن تنطلق الزيارة من قاعدة «كسر الجليد وإعادة بناء الثقة» تمهيداً للبحث في كل المشاكل المشكو منها وإيجاد الحلول المناسبة لها، أصر السنيورة على التفاهم على جدول أعمال خاص بها يؤمن لها فرص النجاح.
وفي التفاصيل أن الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري، وخلال لقائه الرئيس السنيورة الأسبوع قبل الماضي للبحث في المبادرة السورية بإعادة إعمار ثلاث بلدات في الجنوب والآلية المناسبة لتنفيذها سأله رئيس الحكومة عن جواب المسؤولين السوريين على الأفكار والمقترحات التي حملها له لطرحها عليهم بعد قمة الخرطوم والتي تشكل في نظره مشروع جدول أعمال للزيارة التي ينوي القيام بها لسوريا، سبق أن طلبه الرئيس بشار الأسد خلال اللقاء الخاطف الذي جمعه به في القمة المذكورة.
وذكرت المعلومات أن خوري أبلغ السنيورة ضرورة تنقية الأجواء وإزالة التشنجات التي تعتري العلاقات اللبنانية ــ السورية قبل الإقدام على مناقشة القضايا التي تشكل نقاط خلاف بين البلدين، مؤكداً أن عودة هذه العلاقات الى هدوئها يفتح الباب واسعاً أمام معالجة المسائل المطروحة سواء في بيروت أو في دمشق، ومنها على سبيل المثال إقامة علاقات ديبلوماسية وفتح سفارة في كل من العاصمتين. ويرى مسؤول سوري في هذا الإطار أن ما تشهده الساحة السياسية اللبنانية حالياً من حملات عنيفة يوجهها بعض الأطراف ضد سوريا يدفع في اتجاه قطع العلاقات بين البلدين لا إعادة وصلها.
وأفادت المعلومات أن خوري الذي عاد والتقى السنيورة الخميس الماضي أطلع الأخير على وجهة النظر السورية في شأن الزيارة والقائلة ان أي جدول أعمال مقترح قابل للمناقشة على أن يتصدّره بندان أساسيان هما: كسر الجليد وإعادة بناء الثقة، من منطلق أن إيلاء العناية اللازمة لترسيخهما كفيل بإقرار كل البنود الأخرى المدرجة على جدول الأعمال. وتردد أن خوري تمنى على الرئيس السنيورة درس الاقتراح الجديد المقدم من دمشق على أن يعاود الاجتماع معه للوقوف على رأيه في الموضوع.
وتحدثت أوساط قريبة من رئيس الحكومة انه طرحت خلال اللقاء فكرة الاعداد لبيان مشترك يصوغه خوري لعرضه على المسؤولين السوريين والتفاهم الا ان الاخير نصح بطي الفكرة.
وكان الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري زار مجلس النواب الجمعة الماضي وصرح يومها إثر اللقاء أنه أطلع الرئيس بري على الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات اللبنانية - السورية واستمع الى توجيهاته ونصائحه في هذا الخصوص، كما وضعه في أجواء الاتصالات الجارية بين دمشق وبيروت في إطار الإعداد لزيارة السنيورة الى العاصمة السورية والجهود التي تُبذل من أجل تهيئة الأجواء الإيجابية لإنجاحها، مشيراً الى ما لعامل «كسر الجليد وإعادة بناء الثقة» من أهمية في هذا الصدد.
وصباح الأحد الماضي توجه خوري كعادته من بيروت الى دمشق التي يمكث فيها حتى مساء الخميس، من دون أن يلتقي السنيورة للاطلاع على وجهة نظره في الاقتراح السوري المشار إليه، كما أعلن عن ذلك قبل أيام. إلاّ أن المعلومات أفادت أن اتصالاً هاتفياً جرى بين الرجلين أبلغ السنيورة خلاله خوري بأنه متمسك بأن تتم الزيارة وفق جدول أعمال، متمنياً عليه أن يعرض الأمر على المسؤولين السوريين على أن يوافيه بحصيلة اجتماعاته لاحقاً. وهكذا تدخل زيارة السنيورة الى دمشق في دوامة جديدة يتنازعها اقتراح من هناك ورأي من هنا، بانتظار التوصل الى مخرج أو حل لا يبدو قريباً.
مسؤول عربي متابع للشأن اللبناني عن كثب قال لـ«الأخبار» في معرض سؤالها له ما إذا كان السنيورة راغباً فعلاً في زيارة دمشق: «لا أستغرب هذا الطرح ولا أستبعده.. ولكن هل سوريا راغبة أيضاً في استقبال السنيورة؟».