فداء عيتانيسيناريو لإسقاط الحكومة وإلا فالمجلس النيابي هو الهدف
كم ينقص المعارضة البرلمانية لتصبح أكثرية، وكم ينقص الأكثرية الحالية للدخول على خط تسوية، بين الخطين يصر حزب الله على عدم التلفظ بعبارة “اسقاط الحكومة” ويكتفي دائماً بعبارة التعديل، وهو التعديل الذي رفضه أخيراً النائب سعد الحريري كما تقول مصادر في المعارضة خلافاً لما كانت عليه الأجواء في آخر اللقاءات بينه وبين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
وجاء إصرار حزب الله على عدم الدعوة الى تغيير الحكومة ليريح حلفاء الحزب وخصوصاً بعد تراكم مواقف الاكثرية وآخرها الموقف الحاد الصادر عن لقاء البريستول الأخير، حيث مارس الحلفاء على حزب الله ضغطاً نحو تعديل موقفه وبلورة رؤية أبعد للمعركة على التعديل الوزاري، الذي لم يكن هدفه الا تمثيل التيار الوطني الحر في الحكومة، وحصد الثلث المعطل في الحكومة، أما الكلام على المحكمة الدولية ومحاولة تعطيلها فترى المصادر المعارضة أنه “أصبح خلفنا وان احداً لن يعطل هذه المحكمة مع صدور قرار دولي في شأنها”.
حلفاء حزب الله من المعارضة لطالما أخذوا عليه ممارسته سياسة الاحتواء والمهادنة، ومأخذهم يستند الى ان خيار قوى 14 اذار هو خيار استراتيجي لن يعدّل عبر سياسة احتوائية، كما ان خيار المقاومة هو خيار استراتيجي بالنسبة الى “حزب الله” وحلفائه، وهم في المقابل لن يتخلوا عنه مقابل بضعة تنازلات من الطرف الاخر. وزادت حدة مواقف المعارضة ضغطا على الحزب حين اعلن في جلسات مغلقة ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يكن ليغطي حرباً اسرائيلية على لبنان كما فعلت قوى 14 اذار.
ومع انتفاء خيار التعديل الحكومي بالتوافق والتراضي تضيق دائرة الخيارات، فنصبح، وبحسب المصادر نفسها، امام خيارين، الاول الاستفادة من مناسبات شهر رمضان الدينية لإطلاق مواقف اضافية تصيب من الحكومة مقتلاً، وتدفع الى تحركات شعبية في نهايات رمضان تراوح بين التظاهرات والاعتصامات المفتوحة، تليها استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة، ثم استقالة 57 نائباً من البرلمان، بعدما أصبحت المعارضة تقف على حدود ما هو ابعد من التعديل الوزاري، باتجاه الدفع نحو انتخابات مبكرة، اهم اهدافها عدم السماح للمجلس الحالي بتركيبته المعروفة بانتخاب رئيس للبلاد.
الخيار الثاني هو اسقاط الحكومة بالضربة القاضية، عبر تعديل في مواقع بعض النواب وهي الخطوات التي بدأت تؤتي ثمارها وان كانت مصادر المعارضة حريصة على ابقاء هذه المفاوضات طي الكتمان، وسيفاجئ التحول في مواقف بعض نواب الاكثرية أصدقاءهم، حيث سيصوتون بلا ثقة للحكومة إذا طرح الامر على الجلسة العامة، وكل ما يلزم هو تأمين تحول في مواقف ثمانية نواب، في حين تتردد معلومات أن 6 منهم باتوا اقرب الى المعارضة في مواقفهم، بعد ان طفح كيلهم من مواقف الحكومة الحالية.
هذه المعلومات تتقاطع في المقابل مع الموقف الآخر للاكثرية الذي يعتبر ان المعارضة تأخذ الاكثرية نحو تأليف حكومة وحدة وطنية بالقوة، وكيف يمكن تأليف حكومة وحدة وطنية غصباً عن إرادة المعنيين؟ كما يسأل الوزير البارز في فريق الأكثرية، ويضيف ان فرصة مرت خلال الحرب وما بعدها خلال الاعتصام النيابي كان ينبغي الاستفادة منها وتتلخص في الالتفاف حول الحكومة، الا ان المعارضة أضاعتها.
الوزير نفسه الذي يحتفظ بعلاقاته بالخصوم من المعارضة وخصوصاً مع حزب الله يرى ان اسرائيل خرجت مشتتة وتمزق موقعها الحكومي، والثقة فقدت بين الأركان، فيما نحن خرجنا ولدينا حكومة قوية ومتماسكة وجيش متلاحم، وكان يمكن ان نحافظ على كل هذا، الا أن إصرار المعارضة على التصعيد دفع بالبلاد الى صورة ممزقة شبيهة بتلك التي لدى اسرائيل حالياً.
وفي إطار التجاذب المتبادل فإن الوزير المعني يبتعد عن طرح أي تصور للتسوية، ليس من قلة في الحيلة والخيال، انما كون الظروف لا تسمح كما يبدو بتسويات بعد الآن، فالتوتر على أشده، ويسأل الوزير: «ما الذي يمكن الرئيس نبيه بري ان يطرحه بعد». ويجيب الوزير عن كل سؤال حول التسوية بمزيد من الشرح والتوضيح لأبعاد التوتر وخلفياته، ويتوقف عند مفاصل الربط المعلوماتي وحماية الحدود الدولية مع سوريا ومنع عمليات تهريب البشر والسلاح، ويخلص حين سؤاله عن المسافة التي تفصلنا عن أي تسوية بإشارة توحي بأن أي تسوية داخلية للوضع الحالي «بعيدة جداً» وربما غير مرئية من حيث نقف اليوم.