عصام نعمة إسماعيل*
تتداول الأوساط السياسية والقانونية نظرية جديرة بالدراسة والنقاش، مفادها أن استقالة جماعية لعدد معين من النواب ستؤدي حكماً إلى حل المجلس النيابي. وهذه الفرضية إن صحت، تكن في ظل مجلس نيابي منتخب بصورة شرعية متوافقة وأحكام الدستور. أما عندما نكون أمام مجلس نيابي فاقد لشرعيته الدستورية منذ انتخابه، لأن العملية الانتخابية التي أنتجته باطلة وغير دستورية، فإن هذا الواقع سيفرض نفسه على المجلس الدستوري عندما سيُسمح له بالاجتماع والنظر في الطعون الموجهة ضد صحة انتخاب بعض النواب.
والسبب الأساسي الذي سيستند إليه المجلس الدستوري لإعلان قبول الطعون وإبطال نيابات المطعون بصحة نيابتهم فهو سبب مرتبط بالانتظام العام الدستوري ومتعلق بإجراء الانتخابات في ظل تعطيل المجلس الدستوري.
فالمجلس الدستوري هو سلطة دستورية، أنيط بها مهام محددة، منها الفصل في صحة الانتخابات النيابية... وكان الحفاظ على كيانية المجلس الدستوري واستمرارية عمله، هو بموازاة المحافظة على الدستور الذي أنشأ هذه المؤسسة وحدد صلاحياتها. وإن كل تعرض لهذه المؤسسة، هو بمثابة خرق للدستور وارتكابٍ لمحرَّمٍ يمسُّ كيان الدولة بذاتها.
فهذا المجلس الدستوري، الذي هو سلطة دستورية موازية للسلطتين التنفيذية والتشريعية، قد جرى تغييبه بقوة إرادة السلطتين التشريعية والتنفيذية. وتعطل بهذا التغييب أي إمكان له للفصل في الطعون الانتخابية. ولهذا السبب فإن هذه العملية الانتخابية الحاصلة في ظلِّ مجلسٍ دستوريٍ معطَّل عن العمل ومغيَّب قسراً، تكون عرضةً لإعلان عدم دستوريتها لأنها حرمت المرشح الخاسر فرصة الطعن بصحة انتخاب النائب المعلن فوزه.
فحرمان كل مرشح خاسر فرصة الطعن بنيابة المرشح الفائز، هو قيد على ممارسة حق اللجوء إلى القضاء الذي هو حق دستوري مقدَّس، يؤدي حجبه أو تعطيله إلى بطلان التصرف الناشئ في ظل هذا التعطيل.
فمن هذه الفرضية التي أجزم بنتيجتها، فإن كل المجلس النيابي هو غير شرعي وغير دستوري، لأنه ولد في فترة زمنية كان المجلس الدستوري معطلاً. وسيكون مصير الطعون المقدمة أمام المجلس الدستوري القبول وإبطال نيابة جميع المطعون بصحة نيابتهم، ولن يكون المجلس الدستوري مضطراً إلى مناقشة بقية أسباب الطعن التي ترتكز على مخالفات فاضحة للقانون وللمبادئ الانتخابية التي ستطيِّر عدداً كبيراً من النواب القابعين بصورة شرعية، ولكن حتماً غير مشروعة تحت قبة المجلس النيابي.
* باحث قانوني