ثائر غندور
مسلّح في الطابق الثاني في بناية الدار البيضاء قرب قصر قريطم يهدد بقتل كل من يمر في الشارع. يطوّق عشرات من رجال الأمن المكان، من دون وضع شريط أصفر. يمنعون المارة من الدخول تحت عنوان: «حالة أمنية خاصة». ترى مسلحين بلباس مدني في الشارع من دون أن تدري إلى أي جهاز يتبعون. وفي التفاصيل التي رواها عدة شهود أنه عند حوالى الساعة الثالثة خرج حسن الحسيني إلى شرفته وبدأ بإطلاق شتائم لآل الحريري وجعجع. منع حركة المرور في الشارع. أما الأسباب فغير واضحة تماماً. تختلف روايات الشهود. بعض سكان الحي قالوا إنه متضايق من حرس قصر قريطم. وأشار آخرون إلى حصول تلاسن مع سكان بنايته عدة مرات «وقد هدد باستخدام السلاح، لكننا لم نأخذ الأمر على محمل الجدّ ». وأكّد شخص آخر حصول تلاسن مع سكّان المبنى قبل رفع الحسيني للسلاح.
يسكن الحسيني وهو فلسطيني الجنسية في شقته منذ عدة سنوات مع والدته. لا يعرف أحد شيئاً عن عمله، «لكنه يبقى أحياناً لأيام في المنزل من دون أن يخرج». استمرّت مسرحية الحسيني لحوالى ساعتين. في هذه الأثناء انتشر عدد من القناصين في محيط المكان من دون أن يطلقوا أي رصاصة باتجاهه، رغم أنه كان في مرمى نيرانهم. وقد اعتقلت قوى الأمن أحد العاملين في موقف «مدام كوري» للتحقيق معه «لأنه يعرف الحسيني» كما قال عامل آخر.
يصل عند الرابعة عصراً ضابط رفيع المستوى في فرع المعلومات. في هذه الأثناء يعلو صراخ إحدى النساء من المبنى المواجه لبناية الدار البيضاء. هناك رجل يتبادل الشتائم مع الحسيني. يحضره رجال الأمن. يهدئ الضابط أعصابه، قائلاً: «لو بدنا كنّا قتلناه. لكننا نتعامل مع الأمر بروية لأن الرجل مختل عقلياً». يرحل الضابط. يبقى العناصر منتشرين. يتبادلون النكات والضحك حول الموضوع. نحاول التحدث مع الحسيني. نخبره بأننا صحافة. يطلب منّا التقدم إلى الشارع رافعين الأيدي، وحين نمتثل لمطلبه يرفع بندقية يبدو أنها من طراز الـكليرون الفرنسية الصنع ويهدد بإطلاق النار. يطلب رجال الأمن من الجميع عدم التحرك «حتى لا تثار أعصابه». يصل جيب للفهود عند الساعة الخامسة والنصف، مُحمّلاً سلماً طويلاً. يبدأ الحديث عن اقتحام الفهود للمبنى، وخصوصاً أن الحسيني قد دخل إلى منزله وأسدل الستار بعد أن غسل وجهه أمام الجميع قائلاً: «انتهى العرض». يحصل العكس. يسود هدوء حذر في المكان. بعد دقائق يبدأ أصحاب البذلات وربطات العنق بالوصول إلى القصر لحضور إفطار أقامه النائب سعد الحريري. بعضهم في سيارته، وآخرون في سيارات قوى الأمن. الهدوء تحول إلى زحمة مفطرين. وكان الحسيني لا يزال في منزله.