عادت أزمة تمثيل لبنان في القمة الفرنكوفونية التي تستضيفها رومانيا في 28 و29 أيلول الجاري، الى الواجهة، في ضوء إصرار بوخارست على تجاوز رئيس الجمهورية إميل لحود وحصر الدعوة برئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي كلف وزير الثقافة طارق متري بتمثيله، فيما شدد لحود على ان «أي حضور لأي مسؤول لبناني لهذه القمة، على أي مستوى كان، هو حضور شخصي بحت لا يمثّل الدولة اللبنانية ولا يلزمها بما يصدر عن القمة من قرارات ومواقف».واتهم لحود الرئيس الفرنسي جاك شيراك بالضغط على الرئيس الروماني لحجب الدعوة عنه «خلافاً للأصول والأعراف الدولية، منتهكاً بذلك سيادة الدولة اللبنانية وكرامة مؤسساتها الدستورية والقيمين عليها»، مذكّراً بأنه سبق للبنان «أن رأس قمة فرنكوفونية ووجّه دعوات الى رؤساء الدول ومن ضمنها رومانيا التي حضر آنذاك رئيسها الى لبنان، وبالتالي كان يجدر برومانيا احترام الأصول، لكنها خضعت ويا للأسف، لإرادة الرئيس شيراك الذي يتصرف من منطلق شخصي لا يراعي واقع العلاقات اللبنانية ــ الفرنسية المتجذرة عبر التاريخ التي يحرص لبنان على استمرارها وتطويرها بين الشعبين الصديقين».
ووجّه لحود رسالة إلى الرئيس الروماني ترايان باسيسكو جاء فيها: «تنعقد في 28 و29 من الشهر الجاري القمة الحادية عشرة للفرنكوفونية على مستوى رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة، من دون أن يكون لبنان مدعواً على هذا المستوى. وهذا الأمر يعني ان الرسالة التي وجّهها وزير الخارجية والمغتربين اللبناني إلى نظيره الروماني بتاريخ 23 حزيران الفائت، بقيت من دون أي مفاعيل، فيما كان يضع لبنان أملاً محقاً في تدخّل فخامتكم لكي يكون في إمكان البلد المضيف تجنّب الإبعاد الظالم والشخصي للبنان عن القمة».
وأوضح «ان المنظمة الدولية للفرنكوفونية تدعو إلى نشر الثقافة الفرنكوفونية وقيمها في العالم أجمع. وإن الدول المنضوية إلى هذه المنظمة، وبينها لبنان وهو من الدول المؤسِّسة، عملت بإرادة طوعية على نشر هذه الثقافة لأنها وجدت نفسها فيها وفي قيمها»، مؤكداً أنه «لا يمكن أي سلطة أو شخصية مهما علا شأنها، ان تفرض ثقافتها وقيمها. ولا يمكن إخضاع هذه المنظمة القيمة لأي شرط من شأنه أن يحوّرها عن دعوتها الأولية والأساسية. والأخطر من ذلك، يجب ألا يتجاسر أي طرف ثالث على ان يهدد العلاقات الثنائية التي تجمع لبنان ورومانيا».
وختم لحود: «لهذه الأسباب، أجد نفسي مضطراً إلى إبلاغكم انه بسبب عدم توجيه الدعوة، فإنني لن أشارك في هذه القمة وإنني لن أكون ممثلاً فيها. وسيبقى المقعد اللبناني في القمة شاغراً، لأنه ليس أحد مخوّلاً من رئيس الجمهورية اللبنانية، الجلوس على المقعد اللبناني».
ووجّه لحود رسالة مماثلة إلى الأمين العام لمنظمة الدول الفرنكوفونية عبدو ضيوف، أعرب فيها عن أسفه العميق «لعدم تدخّل الأمانة العامة للفرنكوفونية بقوة لإزالة أي وضع ملتبس ومواجهة الضغوط التي تمارس من أي نوع كانت، كي تتمكن الدول الأعضاء من المشاركة وفق المستوى المطلوب في اجتماعات وفعاليات المنظمة التي تعتبر دعوتها الأولى هي جمع الدول التي تنتمي إلى الثقافة نفسها والتي تطمح إلى الأفكار نفسها».
وبعدما أبلغ لحود الأمين العام عدم مشاركته أو أي ممثل له في أعمال القمة، أمل منه ان يقرأ هذه الرسالة في افتتاح القمة. من جهته اعتبر السنيورة «ان غياب لبنان، وهو عضو مؤسس وفاعل في المنظمة الفرنكوفونية، خسارة معنوية وسياسية»، مشيراً الى «ان الدولة المضيفة ومعها الأمانة العامة للمنظمة، أكدت تمسكها بمشاركة لبنان وتشديدها على أهمية مساهمته في أعمال القمة»، ومؤكداً ان هذه المشاركة تكتسب «معنى إضافياً لأن إعلان القمة سوف يتضمن موقفاً داعماً للبنان».
وأضاف: «لقد شكرت للرئيس الروماني دعوته لي معتذراً عن عدم حضور القمة وكلفت وزير الثقافة الدكتور طارق متري، الذي يعنى بالشؤون الفرنكوفونية، أن يكون ممثلاً شخصياً لي في هذه التظاهرة الكبيرة. هذا وقد أطلعت رئيس الجمهورية على قراري وتمنيت عليه أن يتفهم هذا الموقف حرصاً على مصلحة لبنان الذي يجب ألا يغيب في هذه الظروف عن أي مناسبة دولية بهذه الأهمية».
واعتبر السنيورة «أن القمة الفرنكوفونية منبر لمخاطبة أصدقاء لبنان والعالم وللدفاع عن حقوقه وعن خياراته الوطنية الكبيرة. والمشاركة فيها شهادة على دور لبنان في تمتين العلاقات بين الدول الفرنكوفونية وتعزيز القيم الثقافية والسياسية التي تلتقي حولها».
وتعليقاً على اتهام الرئيس لحود لنظيره الفرنسي بالتدخل لعدم توجيه دعوة إليه للمشاركة في القمة الفرنكوفونية، قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتييه «لا نرغب بالدخول في جدل».
وأضاف في مؤتمر صحافي «علمنا ان المنظمين وجّهوا دعوة الى رئيس الوزراء السنيورة الذي قرر ان يرسل ممثلاً شخصياً له. وليس لدينا ما نضيفه في هذا الموضوع».
واعتبر ماتييه ان المهم لفرنسا «هو أن يُتحدّث عن لبنان في بوخارست وان يُعمل من اجل لبنان وان يظهر المجتمع الفرنكوفوني تضامنه معه»، متوقعاً «ان يكون هناك إعلان عن لبنان تعتمده القمة».
(الأخبار، وطنية، ا ف ب)