جدد رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري تمسكه بحكومة الرئيس فؤاد السنيورة معتبراً أن أي دعوة لتغييرها بغير الوسائل الديموقراطية والدستورية، مرفوضة جملة وتفصيلاً، مشدداً على «ان اتفاق الطائف باق» وموضحاً ان «استعدادنا الدائم للحوار ينطلق من اعتبار هذا الاتفاق السقف الذي يوفر الاستقرار».كلام الحريري جاء خلال أول مأدبة إفطار يقيمها في قريطم بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري على شرف الرئيس السنيورة، حضرها مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني وعدد من الوزراء ونواب العاصمة وسفراء السعودية ومصر والكويت، ورئيس وأعضاء الهيئة الإدارية لاتحاد العائلات البيروتية وحشد من العائلات البيروتية وعدد من أطفال دار الأيتام الإسلامية.
بعد كلمتين لرئيس اتحاد العائلات البيروتية رياض الحلبي ورئيسها السابق امين عيتاني تحدث الحريري الذي اشار الى آثار العدوان الاسرائيلي وقال «إنها كارثة حقيقية، وسعت نطاق الاحتلال، وزادت عدد الأسرى، وجاءت بالجحافل والأساطيل التي يعترضون عليها من كل أنحاء العالم».
وأضاف: «هذه هي الحقيقة التي لن يغير فيها شيء تسليط الأضواء على مكان آخر. هذه جريمة كبرى ارتكبها أولمرت بحق لبنان، وهناك في لبنان من يريد أن يحاسب فؤاد السنيورة (...) القاتل هو أولمرت، والمطلوب للإعدام السياسي هو فؤاد السنيورة».
وأعرب عن شعوره بالحزن العميق «حيال ما نسمعه هذه الأيام. وقد سمعنا عبر كثير من الشاشات، كلاما صادرا عن غرف مغلقة». وتابع: «قالوا في غرفهم المغلقة: لن يأتي رمضان إلا وتكون قريطم قد أغلقت، لن يأتي رمضان إلا وسعد الحريري يكون قد أصبح خارج لبنان، ولن يعود، وسيلحق به وليد جنبلاط، أما فؤاد السنيورة فسيجبر على الفرار من السرايا. وها هو رمضان قد أتى، ومحسوبكم سعد في قريطم رفيق الحريري، في قلب بيروت مع أهالي بيروت، ووليد جنبلاط في قلب المختارة، وفؤاد السنيورة في السرايا الحكومية».
وتساءل «كيف يكون فؤاد السنيورة على رأس حكومة غير قادرة وغير قوية وغير عادلة؟ هل المطلوب رأس أولمرت أم رأس السنيورة؟ هل المطلوب مزارع شبعا أم السرايا الحكومية؟ هل المطلوب قوة ردع للعدوان الإسرائيلي أم قوة ردع للحكومة اللبنانية؟» وجدد تمسك تيار «المستقبل» بحكومة السنيورة، معتبراً «أن أي دعوة لتغييرها، بغير الوسائل الديموقراطية والدستورية، هي دعوة مرفوضة منا جملة وتفصيلاً». وناشد الجميع الترفع عن استخدام خطاب الشارع، لأن مثل هذا الخطاب يدفع الآخرين حتماً إلى أن يقولوا: الشارع بالشارع، والمهرجان بالمهرجان، والتعبئة بالتعبئة، والبادي أظلم». ورأى ان «ما سمعناه اخيراً، يشكل ترجمة محلية غير مقبولة لخطاب بشار الأسد، بدءاً من اختزال الانتصار، مروراً بالدعوة لإسقاط السلطة اللبنانية، وصولاً إلى تخوين وتأنيب قيادات العرب وجيوش العرب، والأشقاء الحقيقيين الذين وقفوا مع لبنان، ودعموه بالفعل لا بالقول». ووصف هذه المفاهيم بأنها «خطيرة جداً، ليس لأنها مستوردة من ريف دمشق فحسب، بل لأنها تتعارض مع مفاهيم الوحدة الوطنية ومع مصالح لبنان».
واعلن «أن اتفاق الطائف باق، وأن استعدادنا الدائم للحوار، ينطلق من اعتبار الطائف، السقف الذي يوفر الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد. وأن أي اختراق لهذا السقف، هو تلاعب بمقوّمات الوحدة الوطنية، وانزلاق خطير لتنفيذ مآرب خارجية، اسرائيلية وغير اسرائيلية، في حق لبنان». وأكد ان «أي كلام عن أي فتنة هو كلام باطل ومشبوه ومرفوض. نحن خط الدفاع عن الوحدة الوطنية، وخط المواجهة الحقيقي لكل فتنة وأدواتها. نحن خط الدفاع الرئيس عن وحدة المسلمين وعن وحدة اللبنانيين».
وقال: «نؤمن بالحوار قولاً وعملاً. وسوانا هو الذي قفز فوق الحوار، وأعلن وقف الحوار. أما نحن، فبرغم كل حملات التخوين والتحريض التي استهدفتنا، ما زلنا عند قناعتنا بأن الحوار ضرورة وطنية، بل واجب وطني، لا يجوز التخلي عنه، تحت أي ظرف»، داعياً الى «البدء من المكان الذي تعتبره فئة كبيرة من اللبنانيين مصدر الخلل في توازن السلطات». ورأى أن «هناك من يقول إن البعض يريد وضع اليد على رئاسة الحكومة كما تم وضع اليد على رئاسة الجمهورية. أي إن هذا البعض يريد وضع اليد على كل السلطات»، مشيراً الى ان هذا الاتجاه هو ثمرة من ثمار الأشجار الخبيثة وهو يقع في المشروع الذي يقود البلاد نحو الفراغ، وربما نحو الاستسلام لسلطات الأمر الواقع». وقال: «لن نعلن الاستسلام، وسنبقى عند التزامنا لجميع اللبنانيين، بأننا لن نقبل تسليم الدولة للفراغ أو للمجهول، أو حتى للمعلوم من القوى التي تبشرنا بالانقلاب على الطائف وعلى السلطة الحالية». ودعا الى «إحياء لغة الحوار، لا لغة الشروط والتهديدات المسبقة، وتوجيه المهل من هذا الطرف وذاك. وقال: «ما دام سلاح المقاومة قد وضع على طاولة الحوار، فإنه يجب أن يبقى عليها»، مؤكداً «كلنا متفقون على الأهداف».
وأضاف: «نحن على استعداد للتعالي فوق الجراح، وقد تعالينا كثيراً. نحن على استعداد لردم الهوة التي اخترقت جدار الثقة، بين القيادات وربما المجموعات. نحن على استعداد لكل ما يتيح قيام الدولة القوية، لا الدولة التي يجري الاستقواء عليها. والدولة العادلة، لا الدولة التي يريدون تعديلها على قياسهم، والدولة النظيفة، لا الدولة التي يلوّحون بتنظيفها، من مقوّمات السيادة والحرية والديموقراطية». وختم: «أيدينا ممدودة بهذا المعنى ولهذا القصد مهما تعالى الصراخ والاستفزاز».
(الأخبار)