انطوان الخوري حرب
يثير نموذج المصالحة الكتائبية بين جناحي أمين الجميل وكريم بقرادوني الكثير من التساؤلات لدى المراقبين وفي القواعد الحزبية. إذ إن مساحة التباعد بين الفريقين لم تكن قصيرة ومقتصرة على نهج ادارة الحزب، بل امتدت لتشمل الخطاب السياسي والموقف من السلطة والوجود العسكري السوري وملف سلاح المقاومة ووضع لبنان الاقليمي والدولي. فما الذي حدث ودفع باتجاه هذه المصالحة غير المفهومة؟.
يوم اصدر القضاء اللبناني حكماً بإبطال انتخابات الحزب وتعيين مدير منه، اي القضاء لإدارة الحزب ريثما تجرى انتخابات جديدة، فهم بقرادوني أن كل حلفائه تخلّوا عنه لكنه لم يخش على موقعه داخل الحزب نظراً لتأييد اعضاء القيادة له، ومع ذلك، فضل عدم السير بالنزاع القضائي السياسي، وإجراء مصالحة كاملة مع الحركة الاصلاحية الكتائبية. وبدأت النقاشات في لقاءات مع الوزير بيار الجميل الذي ابدى انفتاحاً على الموضوع بعد نتائج الانتخابات النيابية في المتن الشمالي. وأسفرت المناقشات عن حل على مرحلتين، الأولى: ضم جناح الجميل الى الحزب واستحداث منصب الرئيس الاعلى وجمع النواب في كتلة واحدة، والثانية: أن يكون الموقف الرسمي للحزب داعماً للحكومة وممثلاً فيها بالوزير بيار الجميل، على الا يمنع هذا الموقف رئيس الحزب بقرادوني من الحفاظ على وضعيته السياسية بموافقة الجميل، فبدا كأن اتفاقاً على الاختلاف بين الاثنين قد جرى، وبدأت ترجمة هذه الاتفاقية بآلية احتفاظ كل جناح بعلاقاته وتحالفاته وموقفه السياسي، وهذا ما يفسر تواصل بقرادوني مع العماد عون رغم الخلاف الكبير بين الاخير والجميل، إضافة الى موقف الجميل المتضامن مع 14 آذار خلال العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان، فيما بدا موقف بقرادوني اقرب الى حزب الله، وكذلك ظهر التباين من خلال وجود بقرادوني مع وفد من المكتب السياسي في مهرجان الانتصار ووجود الجميل الاب والابن في قداس حريصا.
إن هذا التباين والاتفاق عليه مرشحان للاستمرار في ظل توجس الجميل وبقرادوني من سمير جعجع، ومع استمرار الخلاف بين الجميل وعون، ولا يمكن أن تنجح هذه المعادلة من دون شخصية بقرادوني الذي اشتهر بحسن التعامل مع الظروف، فهل تستمر ازدواجية القيادة الكتائبية على نمط التسوية اذا ما تغيرت الظروف؟.