ابراهيم عوضقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان دمشق بعثت بمذكرة مسجلة لدى الامم المتحدة تؤكد لبنانية مزارع شبعا، وان سوريا تدعم اقتراح الرئيس فؤاد السنيورة وضعها تحت سلطة دولية مؤقتة. واكد ان الحوار مقطوع ولكنه غير مجد مع اميركا الآن، معلناً أن سوريا لا تثق بالرئيس الفرنسي جاك شيراك. وفي ما يلي نص الحوار. ¶ ما هي قراءتكم الأولية للقرار 1701 ؟
الصورة الأولى تشير إلى انه قرار غير متوازن ولا يعالج المشكلة من جذورها، فشبعا لا تزال محتلة رغم الاشارة العامة لها.



¶ قولكم أهلاً وسهلاً بالحرب الإقليمية، فسر بأنه سعي من دمشق لتوسيع نطاق الحرب وتعريض المنطقة للخطر ؟
التصريح كان جواباً عن سؤال صحفي، واردت القول ان سوريا الراغبة بالسلام العادل والشامل وبتنفيذ القرارين 242 و 338 ومبدأ الأرض مقابل السلام. أما إذا فرضت عليها الحرب فهي جاهزة. و إذا خرقت إسرائيل اتفاقية فصل القوات عام 1974 واعتدت على السيادة السورية فإننا سنرد لاجل الدفاع عن النفس ولمنع إسرائيل من تكرار الاعتداء على سوريا .

¶ حصل ان اخترق الطيران الحربي الإسرائيلي المجال الجوي وتردد انه حلق فوق احد القصور الرئاسية، لماذا لم تردوا؟
نحن تصدينا للطائرات بالمدفعية المضادة للطيران، لكن القيادة السياسية لم تر آنذاك في هذا العمل الاستفزازي ما يؤدي إلى قيام سوريا برد عسكري، الحسابات الدقيقة كانت آنذاك نحو تجنب المواجهةيتساءل الكثيرون في لبنان وفي غير لبنان عن سبب امتناع سوريا عن فتح جبهة الجولان، بينما هي تشجع على استمرار المواجهة والقتال في لبنان؟
من يدعي بأن سوريا كانت تقف وراء هذه الحرب في لبنان فهو غير دقيق، سوريا فوجئت باندلاع الحرب كما فوجئ الآخرون. وهذه الحرب مخطط لها منذ حزيران الماضي وكان الهدف منها ان تبدأ إسرائيل بقتل قيادات حزب الله ثم اجتياح الجنوب، والهدف التالي كان سوريا. وهذا واضح لأن سوريا ما زالت دولة الممانعة الوحيدة في المنطقة. وضرب سوريا حسب المخطط ينهي روح المقاومة والممانعة في المنطقة وفي الوقت نفسه يؤثر في الساحة الفلسطينية وفي الساحة العراقية. لقد خططوا لهذه الحرب وأصبح هذا معلوماً ونشر عنه الكثير في الولايات المتحدة. لذلك فإن القائلين بفتح جبهة الجولان هم من يريدون ان يُنفذ هذا المخطط.
واضح ان الاسرائيليين فوجئوا بأن حزب الله حصنٌ حصين لا يعرفون حقيقة قدراته. كما فوجئوا بصموده في الميدان مقابل هزيمة نخبة قواتهم المسلحة. كما انهم فوجئوا ايضاً بالوحدة الوطنية في لبنان. من هنا يمكن القول إن التفكير بحرب أخرى على جبهة الجولان يجب حسابه بدقة. هناك فارق كبير بين ان تقوم أنت بخرق اتفاقية فصل القوات وبين أن يقوم العدو بخرق هذه الاتفاقية، خصوصاً في ظل اختلال التوازن على الساحتين العربية والدولية .
على اي حال، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان وصمود حزب الله والتكتيك العسكري الذي استخدمه، نحن امام فنون القتال التي يجب ان تدرس في المدارس العسكرية وأن يحتذى بها.
كما اننا نعترف بوجود تصاعد في المطالبة داخل الرأي العام السوري لتشكيل مقاومة وطنية لتحرير الجولان، لكننا نشعر بأن المجتمع الدولي مطالب بتنفيذ القرارين 242 و338. وعندما تستنفد كل الحلول لإحلال هذا السلام فلابد من الاستماع إلى مطالب الشعب السوري .

¶ ما رايك في كل ما قيل عن محور ايراني – سوري؟
هذه الطروحات مضحكة، أولاً أنا أتحدث باسم سوريا وليس باسم إيران، وبعد هذا الصمود البطولي للمقاومة فمن العيب القول ان هذه المقاومة اللبنانية هي أداة في يد سوريا أو إيران.
هناك انطباع بأن سوريا تسعى لدور لها لدى الإدارة الأميركية وإشراكها في المساعي القائمة لكسر العزلة الدولية المفروضة عليها.
أولاً العلاقات الأميركية ــ السورية ليست جيدة. ليست جيدة ولا يوجد حوار بيننا وبين الولايات المتحدة. نحن لا نسعى باتجاه أحد . فهي التي أرجأت قراراً لمجلس الأمن بوقف القتال الفوري في لبنان. وما دامت هذه الإدارة شريكة لإسرائيل فإن الحوار معها غير مجدٍ ومع الأسف حتى الأوروبيون ما زالوا ركاباً في القطار الأميركي . وعندما يقررون النزول من هذا القطار ــ وهذا ما نأمله ــ و إذا كان جدول أعمالهم ينسجم مع تطلعات هذه المنطقة فبإمكان العرب وأوروبا أن يعملا معاً على الساحة اللبنانية. سوريا لا تسعى إلى فك عزلتها من خلال معاناة لبنان إطلاقاً.

¶ يتكرر قول مسؤولين لبنانيين بأن سوريا لم تساعد على حل مسألة مزارع شبعا لجهة امتناعها عن التوقيع على محضر رسمي تؤكد فيه ملكية لبنان لهذه المزارع. ما هو موقفكم لمرة اولى واخيرة؟
أولاً المشكلة في مزارع شبعا ليست مشكلة سورية ــ لبنانية. هي مشكلة مَنْ رسم الخط الأزرق بدايةً. من يرد أن يعرف الحقيقة فبإمكانه ان يعود لمحاضر مجلس الأمن آنذاك سنة 2000. المبعوث الدولي تيري رود لارسن كان يقول ان مزارع شبعا سورية وإنها احتلت عام 1967 وينطبق عليها القرار 242 وهي تحت ولاية قوات الفصل الاندوف ( في الجولان ) وليس اليونيفيل ( في جنوب لبنان )، لماذا كان يصرح بذلك؟ لأنه كان يريد القول انه لا توجد شرعية لسلاح المقاومة. الدولة اللبنانية تحفظت على الخط الأزرق وتحفظت على موضوع مزارع شبعا وأرسلت خريطة إلى الأمم المتحدة، أجاب لارسن بأن هذه الخريطة مزورة. مندوبنا الدائم في مجلس الأمن بعث بمذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة تؤكد أن مزارع شبعا لبنانية. وعندما التقى وزير خارجيتنا آنذاك نائب الرئيس الحالي فاروق الشرع مع رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة في برشلونة أكد له على لبنانية مزارع شبعا. وأنا عندما جئت أخيراً إلى لبنان أكدت على لبنانية مزارع شبعا وقلت للرئيس السنيورة هذه الحرب السادسة مع الأسف ورغم كل الدمار والضحايا فهي فرصة لبنان لاستعادة مزارع شبعا. وأنا أؤكد موافقة سوريا على النقاط السبع التي تقدم بها لبنان في مؤتمر روما ثم وافقت عليها الحكومة اللبنانية بالإجماع، وقلت نحن نوافق على أن ترابط في مزارع شبعا قوات اليونيفيل في الأمم المتحدة. وباعتبار أن هناك تداخلاً في الملكيات فإن سوريا جاهزة للجلوس مع لبنان بعد تحرير الجولان لتحديد ما لها وما عليها. وقلت له: لا تقل لي 45 كم2 أو 70 كم2 خذ قدر المستطاع من الأرض، فتحرير كل شبر من الأرض هو مصلحة عربية، بعد ذلك نتقاسم في ما بيننا .

¶ سأكرر السؤال بطريقة اخرى واكثر مباشرة :إذا طلب لبنان من سوريا توقيع وثيقة تؤكد لبنانية المزارع، فهل تفعلون ذلك؟
لقد أرسلنا إلى الأمم المتحدة مذكرة رسمية تؤكد ذلك وهي موجودة في وثائق الأمم المتحدة. هم يريدون التوقيع على خرائط. وهذا امر لا يحصل في ظل الاحتلال، الموضوع واضح جداً وأكثر من ذلك أقول: ان الرئيس بشار الأسد كان قاطعاً في هذه المسألة حيث أكد في مقابلة صحفية أخيرة له أن مزارع شبعا لبنانية. المطالبة بتحديد أو ترسيم هذه المزارع مع سوريا هي لإعفاء الأمم المتحدة من مسؤولياتها .

¶ على ذكر اسم الموفد الدولي تيري رود لارسن، لماذا قيل انه غير مرغوب به في دمشق؟
نعم هذا كلام صحيح، لانه، من تجاربنا السابقة الكثيرة معه، بتنا على يقين من ان لارسن لا يعمل لحساب الأمم المتحدة بل يعمل لحساب جهات تخدم مصالح إسرائيل.
¶ ما حقيقة المناقشات التي جرت بينكم وبين الوزيرين السعودي سعود الفيصل والليبي عبد الرحمن شلقم خلال الاجتماع في بيروت؟
أولاً لم يجرِ أي سجال بيني وبين الأمير سعود الفيصل اطلاقاً. كان الحديث وتبادل الرأي بيني وبين الرئيس فؤاد السنيورة. ووصلنا بكل محبة إلى صيغة مشتركة دونت في مشروع القرار. وزير خارجية ليبيا قال: عندما نقول لبنان ومقاومته فإننا نعني كل لبنان والمقاومة. وأنا لم أجادل معهم في هذا الفهم اطلاقاً. لم يحصل أي جدال. على العكس كان الجو ودياً وخرجنا من الاجتماع وأصر الرئيس السنيورة عليَّ لتناول طعام الغداء، بينما كنت أريد أن أعود إلى دمشق، لأن بعض الزملاء نقلوا الي ان هناك تحذيرات اسرائيلية لهم بوجوب المغادرة قبل السادسة من مساء ذلك اليوم ومسافة العودة الى دمشق طويلة جداً في هذه المرحلة.

¶ رافقت زيارتكم إلى بيروت حركة احتجاجات وبعض المواقف المنتقدة التي تناولتكم شخصياً. وأذكر بصورة خاصة ما صرح به رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الذي قال : «إن المعلم أسد في لبنان وأرنب في الجولان» . كيف كان شعورك إزاء هذه التظاهرات وهذه المواقف؟
أولاً، لم تكن هناك تظاهرة، كانت هناك تركيبة معروف من يقف وراءها. ثانياً، كلما ازداد غيظ هؤلاء من زيارتي أكد لي ذلك ان زيارتي كانت ناجحة.

¶ تتحدث أميركا كثيراً عن ضرورة مراقبة الحدود اللبنانية السورية وهي سعت كي تدرج هذه المسألة في القرار 1701. والمقصود في ذلك وقف إمدادكم حزب الله بالسلاح. ما قصة السلاح السوري إلى حزب الله؟
حزب الله لا يحتاج إلى سلاح وثبت باعتراف إسرائيل ان لدى «حزب الله» مخزون من الصواريخ يزيد على ستة عشر ألف صاروخ، وحزب الله حتى الآن لم يستخدم سوى 3000 ثلاثة آلاف. حزب الله بوصفه حركة مقاومة يخوض حرباً غير كلاسيكية تعتمد على الإنسان وعلى سلاحه الفردي، وحزب الله لا يحتاج إلى جسر جوي كالذي وضعته الولايات المتحدة. ثم ان مسألة اتهامنا بأننا نزود حزب الله السلاح كاتهامنا في موضوع العراق والسلاح والمقاتلين في العراق .
¶ قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك ان التجربة علمته عدم الوثوق تماماً بالنظام السوري مشيراً إلى ما جرى مع وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس ودار جدل حول تصريحات الوزير الاسباني فما الذي حصل؟
يوجد لدينا تسجيلٌ لكلام موراتينوس باللغة الاسبانية ولوقائع المؤتمر الصحفي الذي عقده. انفردت وكالة الصحافة الفرنسية ــ وأضع خط تحت كلمة الفرنسية ــ بتأويل وترجمة كلام موراتينوس بشكل غير دقيق وهذه إشارة إلى محاولة فرنسا لإظهار ان زيارة موراتينوس إلى دمشق كانت فاشلة، علماً ان الزيارة نجحت وسنواصل التعاون مع موراتينوس.
أما ما قاله شيراك بعدم وثوقه من التعامل مع القيادة السورية فأرد عليه بالقول: نحن لا نثق بالتعامل مع الرئيس شيراك لأنه يتعامل مع موضوعنا بشكل شخصي لا يعكس حقيقة الموقف الفرنسي .

¶ الرئيس شيراك قال أيضاً ان سوريا لم تقدم إشارة ثقة قوية تتعلق بتسيير الأمور أمام لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كما ان النائب سعد الحريري قال: “أعتقد ان سوريا ضالعة في الجريمة” ماذا تقول في هذه الاتهامات ؟
مع الأسف أنت تسمع الصوت وصداه. العالم شكل لجنة تحقيق دولية وينفق عليها ملايين الدولارات. لماذا يقفزون على التحقيق. لماذا لا ينتظرون نتائج التحقيق؟ هذا يؤكد ان جريمة اغتيال المرحوم رفيق الحريري هي جريمة دفعت سوريا ثمن تداعياتها وهي كانت ضحية لهذه الجريمة. والإصرار على اتهام سوريا قبل صدور نتائج التحقيق إشارة إلى استمرار هذا المخطط الرامي إلى التفريق بين سوريا ولبنان. انتظروا واقرأوا تقارير المحقق الدولي براميرتز. لقد اعترف بتعاون سوريا، فلماذا تريدون الضغط عليه ليقول ان سوريا لم تتعاون اليوم؟ نحن نتعاون تعاوناً كاملاً مع المحقق الدولي.

¶ كيف تقومون علاقتكم مع الرئيس السنيورة؟ وهل طويت صفحة المآخذ والانتقادات ولم يعد هناك عبدٌ مأمور لعبد مأمور؟
زرت بيروت قبل أيام وأجريت لقاءً مطولاً مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. هذا اللقاء كان بناءً وشفافاً. اتفقنا على فتح صفحة جديدة من العلاقات، وأظن ان الرئيس السنيورة كان جاداً وصادقاً في ما سمعته منه. وأملي ان تشهد المرحلة المقبلة هذا التعاون الثنائي بين القطرين الشقيقين. وهو قال لي في اجتماعنا الاخير: لا يمكن أن ينجح رئيس وزراء في لبنان ما لم يتمكن من إقامة أفضل العلاقات مع سوريا.