مصنع ــ أسامة القادري
بعد أربعة وثلاثين يوماً عاصفاً بالطائرات والغارات والصواريخ فوق لبنان، التي كان للبقاع حصص منها، فكّ الحصار البري. فكّ هذا الحصار بهمّة أبناء المنطقة الذين عمدوا إلى طمر جزء من «الحفرة» التي تقطع الطريق الدولية بين لبنان وسوريا، بعدما حوّلتها الغارات الإسرائيلية إلى «حفرة» بارليف التي لم يتمكّن الناس في البلدين من عبورها.
خمس عشرة دقيقة قبل الثامنة من صباح أمس:
منطقة المصنع اللبناني و«خط» بر الياس أشبه بالأرض المهجورة. في أيام الحرب الماضية لم تشهد هذه المنطقة مثل هذا السكون «المخيف». الجميع يترقّب على «الشاشات» مفاعيل قرار وقف اطلاق النار، ومدى التزام اسرائيل بالموعد المعلن.
خمس دقائق قبل الثامنة:
«حظر» التجوال الإرادي يفرض نفسه على منطقة المصنع. حتى عناصر الأمن العام والجمارك لم نلحظ وجودهم عند نقطة العبور.
«دقت الساعة».
إنها الثامنة صباحاً بتوقيت «المصنع». واحد، اثنان، وتغيّر المشهد. انقلبت الحياة رأساً على عقب. الجميع كان ينتظر «الثامنة» تماماً. عادت الحركة والدماء الى شرايين الحياة المتبقية. فتحت بعض المحال التجارية، وبدأت ترى الوافدين من سوريا الى لبنان الذين هجّرتهم الحرب وأبعدتهم عن ديارهم وأهلهم.
قوافل العائدين من سوريا انطلقت صباح أمس. الحفرة أصبحت حدوداً جديدة وجب اجتيازها على الأقدام. النازحون يعودون الى البقاع... ومن البقاع الى الجنوب.
لم تبادر بعد السلطات المحلية الى ردم «حفرة» صنعتها الطائرات الاسرائيلية. الجيش اللبناني أجرى كشفاً ميدانياً للتأكد من عدم وجود قنابل موقوتة. الحفرة تحتاج الى أمر صغير، وجرافة تعمل لمدّة لا تتجاوز نصف ساعة.
مئات العائلات اللبنانية عادت أمس من دمشق، ودخلت البلاد سيراً على الأقدام.