ثائر غندوريستعدّ فراس شقير لإعادة فتح محل الزهور. لم تسقط لافتة المحل. وحدها بعض النباتات ذبلت جرّاء العطش طيلة الحرب. «هل يشتري أحد ورداً في مثل هذه الظروف؟» يردّ فوراً: «نعم نحن شعب يحب الحياة، سنعيد إعمار وطننا ونزيّنهبالـــقـــرب منه، تساوم إحدى الصـــبايا الحاج كمال على سعر قارورة عطور. الأضرار قليلة في محلّه الذي افتتحه قبل انتظار أي تعويض «لأن واجبنا إعادة الحياة إلى الضاحية».

فتحت عشرات المحال الصغيرة أبوابها على امتداد أوتوستراد السيّد هادي نصر الله. بعضها ما زال يلملم بقايا الزجاج، وآخرون انتهوا من أعمال التنظيف. يحصي صاحب أحد الدكاكين المنتجات المنتــــهية الصلاحيةيتجادل وبائع المثلجات الذي يريد أن يملأ البراد مجدداً. يردّ عليه: «يا أخي، انتظر عشرة أيام حتى يستقر وضع الكهرباء». لم تصل كمية المبيعات إلى مستواها العادي، لكنه يستبشر خيراً. يتجمّع خمسة شبّان قرب محله، يشربون القهوة كما في السابق.
قريباً منه، يفتح عبد الحسن كاراجه جزئياً. «هذه المصلحة فيها اثنا عشر عاملاً. لا يمكن أن أفتح كاراجي كاملاً إلا إذا عاد الشغل كسابق عهده، حتى أستطيع دفع أجور العمّال». بمحاذاته، يقع أحد الأفران. ما زالت علبة الصعتر في مكانها. ينظف العمّال فرنهم. إذا رغبت، يبيعونك العصير والمياه الغازية والمعدنية. أمّا المناقيش، فـ«إلى الغد إن شاء الله».
يمسح هاني سليمان، صاحب «ميني ماركت الأصفاد»، الغبار عن المجلات، ويعرض الصحف اليومية. «الناس يقرأون هنا أيضاً»، يقول، ثم يضيف: «إنها الضاحية، لا تموت، تنفض الغبار عنها وتقرأ، لأن مقاومتنا ليست عسكريةً فقط، بل ثقافية أيضاً».
في قلب حارة حريك يصمد أحد المحال التجارية. قناني المياه «مجعلكة» نتيجة القصف، طار زجاج برادات المياه الغازية، لكن القناني ما زالت موجودة.
في شارع مكرزل في بئر العبد، يتعاون سليمان زين الدين مع جيرانه على تنظيف محل الخرضوات تمهيداً لفتحه «لأن الناس سيباشرون إعادة بناء منازلهم، وهم بحاجة للمواد الموجودة في محلي».
أعاد عدد من أصحاب محال الثياب افتتاح متاجرهم، رغم قناعة محمد نعيم بأن المبيعات ستكون قليلة. «أتوقع أن أبيع ثياباً داخلية أكثر من أي شيء، وألله بيعين حتى يعود الوضع كما كان في السابق. إنها مسألة أسابيع لا أكثر». أما الحاج حسين، صاحب أحد محال الثياب، فأنقذ ما يمكن إنقاذه من الثياب، وقرر «السفر إلى سريلانكا».