strong>طالما اتخذت الجماعة الأسلامية موقفا متعاطفا مع قوى 14شباط، الا ان الحرب الاسرائيلية على لبنان دفعت هذه الجماعة الى اعادة دراسة الموقف وفق المتغيرات بناء على رؤيتها لنفسها كحركة تحرر.
فداء عيتاني

تقف الجماعة الإسلامية في منزلة بين منزلتين: ترفض أي ارتباط بسوريا، وتعارض الاتصال بالسفارات الغربية. يستمهلك قادتها حين تسألهم عن موقفهم من القرار الدولي الرقم 1701، ومن حديثهم المهذب تستشف التأجيل في انتظار اجتماع للمكتب السياسي لاتخاذ موقف موحد، يصدر بعد يومين. وقبل صدوره إعلامياً يرى نائب الأمين العام للجماعة ابراهيم المصري أن القرار يطوي ملف الصراع مع اسرائيل الى حين. “الموضوع الآن في المرمى اللبناني، وليس لدينا مصلحة آنياً في الصراع”.
ينتقد المصري صراحة قوى 14 آذار، والاجتماع الذي انعقد في منزل الوزيرة نائلة معوض، قبل أن يضيف: “لسنا في وارد السجال السياسي، إلا أن بيانات (14 آذار) تحمل بصمات غير مقبولة. تعاطفنا معهم قليلاً (في الماضي). اليوم نعتقد بأن الامور بلغت مداها، والبلاد تواجه أموراً أكثر أهمية”.
لا ينسى المصري، بتهذيب مفرط، الاعتذار عن انقطاع الكهرباء وفقدان التكييف في المقر الحديث للجماعة في منطقة عائشة بكار الشعبية، لكنه يتحدث بوضوح وقسوة في السياسة: “نحن معنيون بمواجهة العدوان الاسرائيلي، والآن مرحلة تسجيل مكاسب سياسية تتلاءم مع المكاسب العسكرية التي تحققت”، ويضيف: “للمقاومة والجيش ما يكفي من النضج للتنسيق بينهما، من دون أي تدخل سوري، كما كان يحصل في مرحلة حرب 1996”. ويشير الى أن موضوع نزع السلاح سيصل الى حلول وسط، “سلاح حزب الله ليس استعراضياً، وفي إمكان الجيش الانتشار من دون أن يحصل أي احتكاك أو ظهور لحزب الله. عناصر حزب الله هم أبناء القرى الحدودية”. ويتوقع “اختفاء” السلاح الثقيل للحزب.
يشيد المصري بالمقاومة ويرى أنها “أرقى التجليات الجماهيرية التي غابت عن كل الساحات العربية الأخرى لافتقاد (هذه الساحات) للحرية”، ويتحدث عن الصلة التي لم تنقطع بين الجماعة وحزب الله خلال المعركة الأخيرة. “بالأمس أجرينا لقاءً سياسياً معهم”. ويؤكد أن “علاقتنا بهم أرقى من أية علاقة مع أي حزب سياسي آخر”، ولا ينسى الإشارة الى الفتوى التي أصدرها الأمين العام للجماعة فيصل المولوي رداً على فتوى سعودية تحرّم مساعدة حزب الله.
يأسف المصري لـ“الاستقطابات المتشنجة” بين الولاء لسوريا والولاء للخارج، والتي لم تدع مجالاً لبروز قوى أخرى بوجهات نظر متباينة، مشيراً الى تجربة الرئيس سليم الحص في بناء قوة ثالثة. ويتابع أن بعض أطراف “الاستقطابات المتشنجة” يمارس أطراف فيها تعبئة وتحريضاً مذهبيين. “المخاوف السنية نابعة من توترات لا مبرر لها” يقول، ويشدد على أنه يرى “في انتصار حزب الله أول نجاح عربي في المرمى الاسرائيلي بعد عقود من الخيبة (...) أما كيف ينعكس النصر داخلياً فنحن نتوقع من الأخوة في حزب الله عدم توظيفه في الحسابات الداخلية (بمعناها الضيق)” محذراً من حصول فرز طائفي “مع وجود من يحرّض على الأمر، هذا الاحتقان المذهبي ليس عفوياً”.
يسهب المصري في الحديث عن هذا الجانب، محذراً من خطورته: “حاولت اسرائيل القول في عدوانها إن المعركة مع الشيعة، ولا شك بأن ما نال هذه الطائفة أكبر بما لا يقاس مما نال غيرها، والطريق الى مواجهة التحريض هو عبر مواجهة العدوان وأبعاده”، ويضيف: “الجماعة حاولت أن تكون حلاً وسطاً، عبر مشاركتها في العمل الإغاثي” من بين أمور أخرى،كما رفعت صور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كل التحركات التي قامت بها الجماعة الإسلامية (خارج لبنان): “نحن عادة لا نرفع صور قادتنا في تحركاتنا، ولكن هذه المرة رفعنا صور نصر الله في مصر كما في غيرها”.
اما المشاركة المباشرة في الحرب، والدعوة الى الجهاد، فلا يرى المصري حاجة اليها، اذ “ليس الظرف هو ظرف لبس الأكفان. والدعوة الى الجهاد التي انطلقت في بعض الأوساط ليست جادة، وحزب الله لا يحتاج الى كثافة بشرية” يقول المصري قبل أن يتحدث عن قدرات حزب الله القتالية المتفوقة: “لو شعرنا بأن حزب الله يحتاج لمشاركتنا لما تأخرنا”. ويصف الدعوات التي انطلقت الى الجهاد بأنها “مداعبة لمشاعر الناس ومحاولة تسجيل موقف”.