الخيام - عساف أبو رحالاستمرت قوافل النازحين في العودة والتدفق جنوباً بشكل مكثف بعد اليوم الثالث على وقف النار، وشهدت طريق المصنع مرجعيون زحمة سير خانقة عند جسر الحاصباني في وقت عبر فيه المئات مجرى اللطياني سيراً على الأقدام عند جسر الخردلي المدمر قادمين من ناحية النبطية.ويعود هذا المشهد بالأذهان إلى أيار من عام 2000 «التحرير» وإن اختلفت المضامين والتفاصيل، لكنه بنظر الأهالي العائدين محطة انتصار جديدة على رغم التضحيات والخراب والدمار الذي لحق بعشرات القرى والبلدات الجنوبية بعد شهر من الاعتداءات المتواصلة.

ويمكن وصف المشهد الجنوبي، بأنه يعيش وهج الانتصار الذي بدا واضحاً في عدة قرى، وخصوصاً بلدة الخيام التي وزع أهلها الحلوى على العائدين والمارة وسط الساحة العامة بين تلال الركام والردم التي تحيطها من كل جانب. ُقبَل هنا، وعناق طويل هناك تبادله الأهالي وامتزجت فيه دموع فرحة العودة بشدة صدمة الخراب الذي حل بالبلدة.
التجوال داخل بلدة الخيام في اليوم الأول بعد وقف النار كان صعباً نسبياً على السيارات، الأمر الذي دفعنا إلى التجوال سيراً على الأقدام للوقوف على ما جرى وما حل بالبلدة. ومن خلف الركام وسط أحد الأزقة جلست أم علي على أريكة خشبية قديمة أمام دارتها المتواضعة وفي وجهها كلام كثير أرادت قوله، هو نتاج مرحلة صمود مدتها شهر كامل أمضته داخل منزلها بعد أن قررت عدم المغادرة وفضلت الموت على الرحيل.
سألناها عن حالها فقالت:"لم أغادر هذا البيت مطلقاً، الى أين أذهب؟ الحمد الله كل شيء كان متوافراً وعلينا أن نتعلم دروساً في الصمود لأنه يؤدي حتماً إلى النصر وهذا ما حصل في الخيام. ووصفت أم علي شدة القصف في اليومين الأخيرين اللذين سبقا وقف النار "بأنه أشبه بكسارة بحص ناشطة تعمل على مدار الساعة".
وعن الدمار الذي لحق بالبلدة قالت: "في الماضي دمرها الاحتلال بالكامل، وبهمة أهلها أعيد بناؤها، واليوم الله كريم سنعيد إعمارها أجمل مما كانت".
حال بلدة الخيام أشبه بزلزال ضرب بدرجات مرتفعة مدمراً أحياء سكنية. أما معتقل الخيام، الذي شكّل على امتداد ست سنوات متحفاً وطنياً استقطب الزائرين من مختلف دول العالم، فبات يعيش اليوم عزلة تامة بعد أن حولته الغارات الجوية إلى ملعب كرة قدم منهية بذلك حقبة هامة أضاءت على جرائم الاحتلال في الزنازين الضيقة وغرف التعذيب التي شهدت على همجية الجلادين وعملائهم.
ومن الخيام إلى بلدة دبين الغربية حيث تسللت بصمات الإجرام وضربت الأحياء السكنية وسط البلدة مدمرة عشرات المنازل. يقول نائب رئيس المجلس البلدي حسن ضاهر إن المجلس البلدي هو لجنة طوارئ تعمل على تأمين مقومات الحياة الأساسية للأهالي وخصوصاً المياه والكهرباء وفتح الطرقات الرئيسة والفرعية داخل بلدة. وناشد ضاهر الأهالي التريث في العودة ريثما تتوافر الشروط الأساسية للحياة اليومية مشيراً إلى أن ثلث منازل البلدة مدمر والباقي مصدع وغير صالح للسكن.
والى الغرب حيث بلدات مرجعيون والقليعة وبرج الملوك يختلف المشهد تماماً من حيث الخراب والتدمير ويقتصر على أضرار بسيطة يمكن إعادة ترميمها في وقت قصير وبكلفة متدنية. وفي ثكنة مرجعيون وصل عند العاشرة من صباح أمس العميد عدنان داوود وجال متفقداً الأضرار وقال: "جئنا لتفقد القرى والبلدات ولتسهيل أمور الناس ومنع السرقات في حال وقوعها".
وصرّح مصدر أمني بأن الجيش اللبناني تسلم الثكنة على أن يبدأ بالدخول إليها بعد ظهر اليوم وسوف تضم قيادة أحد الألوية. من ناحية أخرى أقام المطران الياس كفوري قداس العودة بمناسبة عيد السيدة في بلدة حاصبيا وألقى عظة دعا فيها الأهالي إلى العودة، وطالب الدولة بإرسال لجان لكشف الأضرار، ودفع التعويضات قبل حلول فصل الشتاء.