ن. ف.
انتهت حرب سكان الضاحية الجنوبية لبيروت مع العدو الإسرائيلي، وبدأت معركة أخرى تتجسد بإعادة الإعمار وصد الهجمات السياسية الداخلية. انتهت عملية الدمار، فظهر، كالعادة، النواب والوزراء يدينون همجية الإسرائيليين ووحشية عدوانه الذي لم تحصد آلته سوى الأطفال والنساء والأبنية السكنية. فعلى بعد أمتار قليلة مما تبقى من مبنى «تلفزيون المنار»، تنتظر بعض الشخصيات دورها لتبدي رأيها بما حصل ودعمها المطلق للمقاومة. شخصيات مقرّبة وأخرى «بعيدة»... هل يكفي هذا التضامن الكلامي والخطابي؟
«المقاومة باقية باقية باقية»، يقول أبو محمود مستشهداً بالسيد حسن نصر الله. لم يجد عبارةً أخرى يبدأ بها حديثه، لكنه أبدى رأيه بكل صراحة، «كل الزعما الباقيين ماضيين علينا». أي أنّ كل رجال السياسة الآخرون يساهمون على حساب المقاومة التي ستبقى صامدة بوجههم «بإذن الله والسيد».
لا يطلب أبو كاظم، من جهته، من التيارات السياسية المعارضة للمقاومة شيئاً إلا «ألا يطعنونا بالظهر». يعتقد أنّ تضامن بعض السياسيين يأتي لتأمين دعم وغطاء داخلي للمقاومة، «بدنا حدا يحميلنا ضهرنا، ونحن منعمّر يللي تدمّر». يقول أبو كاظم، الذي لم يعرف من هم النواب الذينم زاروا الضاحية، أنه من الطبيعي عدم مجيء نواب تيارات أخرى، فـ«هم غير معنيّين بالحرب مباشرةً» ويسعون إلى إيقافها لمتابعة مشاريعهم التمويلية والاقتصادية الشخصية.
من جهة أخرى، يرى الحاج محمد أنّ نواب حزب الله هم الشعب وله «وإذا ما وقفوا حدّنا هلّأ أيمتن رح يوقفوا؟». يتشكرهم لصمودهم هم أيضاً، ولمتابعتهم «مسيرة التحرير والكرامة». يرى أنّ تضامن «التيار الوطني الحر» وباقي الأحزاب الوطنية الأخرى كاف لصد هجوم «الآخرين».
«أهلا وسهلا بالجميع» يقول حسن، أحد سكان الضاحية. قدوم الأحزاب والسياسيين يكون اعترافاً بانتصار «الحزب» حسب حسن. لا يعوّل حسن كثيراً على دور الدولة والأحزاب الأخرى في عملية بناء ما تهدّم وتأمين مساكن للاجئين، لكنّه لا يرفض مساعدتهم، «ما بدّنا يسرقوا على ضهورنا». ويعتبر حسين أنّ على جميع اللبنانيين التكاتف لإعادة بناء الوطن. «لبنان لا يمكن أن يقوم على خلاف حاد بين الطوائف والأحزاب»، يقول حسين.
من سكان الضاحية من يرفض دعم التيارات الأخرى في عملية الإعمار، ومنهم من لا يرى مانعاًِ في ذلك، لكن لحين حل ذلك الأمر، يبقى عشرات الآلاف من المواطنين مبعدين عن منازلهم.