strong>تحافظ البلدات الجبلية، خصوصاً في المتن وكسروان، على الازدهار السياحي الناتج من ازدحام النازحين الميسورين. وملأ هؤلاء النقص الكبير في عدد الزائرين الذي تعاني منه هذه البلدات منذ سنوات عدّة.
غسّان سعود

ما زال الوضع على حاله في البلدات الجبلية في عاليه والمتنين وكسروان. ورغم توقف العدوان وعودة عدد كبير من النازحين إلى قراهم، ما زالت الفنادق والمجمعات السكنية تمتلئ بالمستأجرين. وما زالت النوادي الليلية تحتاج إلى حجز مسبق، فيما يصل الساهرون لياليهم بالنهار وسط أجواء أشبه بالتي احتكرها وسط بيروت ومونو وساحل كسروان لسنوات طويلة.
دفع الحذر والقلق عشرات آلاف المواطنين إلى النزوح نحو المناطق الجبلية والمصايف التي عانت طوال الأعوام الماضية من تراكم التراجع في أعداد قاصديها. ويتألف هؤلاء من ثلاث مجموعات: مجموعة من سكان بيروت الذين يملكون بالأصل منازل في هذه البلدات، ومجموعة من البيروتيين الذين استأجروا مساكن في البلدات الجبلية حتى تهدأ الأوضاع. أما المجموعة الأكبر، فتتألف من نازحين ميسورين اختار معظمهم أن يبقوا في بلدات الاصطياف حيث دفعوا مسبقاً إيجار ثلاثة أشهر.
وفيما كانت شوارع السهر الشهيرة في بيروت وضواحيها شبه مقفلة، كان اللبنانيون يعبرون عن أنفسهم في مكان آخر. فانتقلت مطاعم عدة ونواد ليلية ومحلات تجارية من بيروت إلى القليعات وفاريا وبرمانا وبيت مري وضهور الشوير وغيرها من بلدات الاصطياف. فعلى سبيل المثال، انتقل الـ Concerto وجميع موظفيه إلى فاريا، وكذلك فعل الـElement الذي تغير اسمه في فاريا فأصبح Flame. كما افتتح الـVirgin فرعاً جديداً في القليعات، وأكد أحد مسؤوليه أن حركتهم التجارية أفضل من حالها في بيروت قبل الحرب. وأكد معظم أصحاب محلات الأدوات الكهربائية في فاريا أن متاجرهم ومخازنهم فرغت بالكامل من البضائع. وبطريقة ساخرة، قال ابراهيم عوض، مالك “محلات عوض للكهربائيات”، إن الحرب عادت عليه بالفائدة. وشهدت أعالي منطقة فاريا، وتحديداً طريق عيون السيمان، ازدحاماً شديداً بالنازحين العائدين من سوريا. وعاد الهدوء إلى مشروع “بطيش بيلدينغ” الذي ضاق بالنازحين الذين دفع بعضهم أجر الشقة لليلة واحدة قرابة الخمسمئة دولار.
أما في القليعات، فافتُتِح فرعان جديدان للـ Cuba libre والـ Shayba الذي أوضح المسؤول عنه في ريفون، جوان رزق الله، أن الحركة جيدة رغم تغير نوعية الساهرين وشكل النادي الليلي الذي بات في ريفون أشبه بالمطعم. وخفضت الأسعار لجذب أكبر عدد ممكن من اللبنانيين. وافتتح كل من الـdunckin donnuts و "ديوان الهاشم" فرعاً جديداً هناك. كما انتقل إلى القليعات العديد من المحلات المعروفة، وفي مقدمتها Sport et Loisirs و Oragan. ورأى هيرو أزازيان المسؤول عن محلات الـOragan أن الدولة لم تساعدهم في محاولتهم الاستمرار في العمل، فتكلفوا أجر موظفين جدد، ومواصلات، إضافة إلى الايجارات الباهظة التي دفعوها. وأكد أن المحل في القليعات سيقفل مع انتهاء موسم الصيف. وفي ريفون، أكثر ما يعبر عن الحال، هو اكتظاظ فندق “سان روك” الذي كان شبه مهجور طوال السنوات الماضية، أما الآن فشغلت جميع غرفه من دون استثناء، وبسعر تفاوت بين سبعين ومئة وعشرين دولاراً لليلة الواحدة.
واللافت في المناطق المتنية التي فقدت زوارها منذ تحولت في منتصف الثمانينيات إلى ثكنات عسكرية للجيش السوري، كضهور الشوير وبولونيا وغيرها، أن العدوان بدد التوقعات التي كانت تشير إلى موسم ركود آخر للمؤسسات السياحية في هذه المناطق. وقد قرر بعض النازحين البقاء في هذه البلدات حتى انتهاء الشهر الحالي. وقد أضحوا بديلًا من السائح العربي.