كفرشوبا -عفيف ديابلم أكن أعلم أن حجم الدمار سيكون هائلاً وكبيراً في قريتي كفرشوبا. كانت الاتصالات الهاتفية، التي ترد من هناك بتقطعطوال فترة العدوان، تتحدث عن مجزرة ترتكبها الطائرات الحربية بحق المنازل التي أعاد الأهالي الروح اليها بعد أن دمرتها الطائرات الاسرائيلية في عدوان 1975، يوم أراد جنرالات العدو تحويل كفرشوبا الى ملعب لكرة قدم.
قدر هذه القرية المطلة على فلسطين والجولان السوري وكل جنوب لبنان والبقاع الغربي أن «تتصارع» مع «الطائرات» الحربية منذ 1967 وحتى أمس.

ففي عام 1969، تعرضت القرية لقصف دمّر نصفها. وفي العام التالي، دمّر النصف الآخر. أعاد أبناء الأرض هناك بناء ما دمرته طائرات اسرائيل ومدفعيتها. جاء العام 1975. لم تبق الطائرات حجراً فوق حجر في القرية المشهورة بزيتونها وتينها و... تدميرها المستمر.
أمس، وعلى مدار 34 يوماً، كان لكفرشوبا «وجبة» يومية من القذائف والصواريخ والإغارات الجوية. لم أجد امرأة واحدة في كفرشوبا إلا وتمسح دموعها بمنديل أبيض أتعبه الحزن. أحمد دياب، مختار كفرشوبا، لم يجد سوى الصمت الطويل كتعبير عن حزن مشهد تدمير بيته بثلاث غارات جوية متلاحقة.
عاش «المختار» أحمد عقداً من عمره في الكويت يعمل مصففاً للشعر. جنى العمر وضعه «حجراً فوق حجر»، وشيّد منزلاً حلم به طوال عمره. بحث تحت الركام. لم يجد سوى «حقيبة» صغيرة تحتضن ختم «المخترة»، ووثائق رسمية لأهل البلدة. يتجه شرقاً نحو تخوم تلال البلدة المحتلة، يقف يوسف العقيبة فوق أطلال منزله الذي كان يشرف على كفرشوبا وتلالها المحتلة، يصنع معجزة وينجح في إيجاد بطاقة هويته، كأنه كان يبحث عن وطن و... وجده تحت الركام. وطن لا يعرف عنه يوسف سوى أنه لم يبارح كفرشوبا يوماً منذ أن ولد.
يبكي أبو علي قمرة (80 عاماً) حين شاهد ما حلّ بقريته كفرشوبا من دمار وقتل للبشر والحجر. وقف عاجزاً أمام جرافة ترفع الركام بحثاً عن جاره احمد الذي قضى مع ولده بعد استهداف منزله بستة من الصواريخ «الذكية».
لا يمكن لداخل كفرشوبا اليوم أن يصل اليها بسيارته... على الزائر أن يقطع شوارع البلدة سيراً على الأقدام. يقول حسين عبد العال (أبو علاء) أن مشهد دمار كفرشوبا لا يختلف عن مشهد تدميرها في العام 1975. هذا حسني هاجر الذي ورث عن والده المنزل المدمر سيورث ابنه منزلاً مدمراً ومحروقاً.
تحتاج كفرشوبا اليوم الى أكثر من الزمن لإعادة حياتها وحجرها الى ما كانت عليه قبل شهر. لن يستطيع أهل البلدة اليوم «السكن» فيها. الجميع هنا يزور متفقداً، ويحمل ما سلم من الدمار، ويقفل عائداً الى «بلاد» النزوح الجديد