انطوان سعدimg src="/sites/default/files/old/images/p3_20060818_pic1.jpg" title="السيد حسن نصر الله" align="left" width="161" height="250"/>تتساءل الأوساط السياسية في لبنان إلى أي حد نال التحالف بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" الذي يصر الرئيس ميشال عون على تسميته تفاهماً من شعبية التيار في الأوساط المسيحية؟في انتظار انتخابات نيابية جديدة ونتائج الاستطلاعات التي يجري التداول بها تتناقض إلى حد كبير، لكن المؤكد أن مواقف العماد عون المؤيدة لحزب الله "تتعارض مع الوجدان التاريخي للمسيحيين الذي يرفض في شكل قاطع منذ الستينيات أن تتسلح فئات خارج السلطة الشرعية"، ولا بد من أن يكون لها ثمن باهظ بدأت كوادر التيار الوطني الحر تستشعره وتحذر رئيسه منه. وبحسب مصادر مطلعة ستشهد الأيام القليلة المقبلة بعض التحول في الخطاب السياسي العوني، وإن كان التحالف بين الطرفين راسخاً وقابلاً للمزيد من التطوير نحو تعاون أكثر جدية.
وقد نقل بعض الكوادر الأساسيين في التيار إلى العماد عون "امتعاض” القواعد العونية وبخاصة القواعد الشعبية غير المنضوية في الحزب، من هذه المواقف، وأشاروا إلى “تراجع في نسبة التأييد التي بلغت حدوداً مقلقة". فكان جواب عون: "إننا ندفع ثمن تصرف نعتبره مسؤولاً لتحييد البلاد وتجنيبها فتنة. هناك طريقتان للتعاطي مع موضوع حزب الله: إما المباشرة تلقائياً في عملية الهجوم عليه وهذا لا يجدي وسيؤدي لا محالة إلى صدام معه وإلى زيادة الاحتقان، وإما محاولة التفاهم مع الحزب وعدم ترك أية وسيلة للتوصل إلى النتيجة التي يريدها الجميع، وهي بناء الدولة القوية. اخترنا الطريقة الثانية. الطريقة الأولى "لاحقين" عليها إذا فشلت محاولات الإقناع والتطمين التي ننتهجها ونصر عليها لأن العزل لا ينفع".
وتقر أوساط في التيار الوطني الحر بأن الحزب يعاني من مشكلة مع قواعده بسبب ما تصفه بأنه “ضعف في التعبير من جانب قيادة الحزب عن خلفيات التفاهم مع حزب الله، وبسبب إحجام كوادر الحزب طوال الفترة الماضية عن توجيه أي انتقاد لمواقف حزب الله وشكله الأصولي المتعارض كلياً مع المنطلقات العلمانية للتيار الوطني الحر". وتضيف هذه الأوساط: "إن استراتيجية التفاهم مع الحزب لا تتعارض مع إمكان انتقاده في بعض ما يقوم به وبعض ما يعلنه من مواقف، وإلا سنبدو ملحقين به وهذا ما لا نريده ولا نعتقد بأن حزب الله يريده. إن الانطباع الخاطئ بأننا ملحقون هو ما أضر بنا، وستبرهن الأيام عدم صحة هذا الاتهام لأن صمتنا عن بعض ما لا نوافق عليه سببه أن حزب الله كان يخوض معارك طاحنة ومن غير الجائز توجيه الانتقاد إليه في هذه الظروف".
وتستدرك الأوساط العونية قائلة: "الحساب الحقيقي مع الجنرال هو في النتيجة والمحصلة التي ستنتهي إليها الأزمة الحالية. هل تمكنا من تحييد المسيحيين ومناطق وجودهم؟ وهل كان خيار مواجهة حزب الله سيؤدي إلى نتيجة أفضل من تلك التي وصلنا إليها؟ إن العماد عون يريد الوصول إلى بناء الدولة اللبنانية المدنية القوية وهو يعتقد أن بلوغ هذا الهدف يمر حتماً بالتفاهم مع حزب الله وبإعطائه الثقة بأن المواطنين اللبنانيين الآخرين لن يستهدفوا دوره ووجوده إن هو تخلى طوعاً عن سلاحه”. وتنتقد هذه الأوساط البيان الوزاري والتحالف الرباعي في الانتخابات النيابية وتشكيل الوزارة الحالية معتبرة أنها هي سبب الأزمة الحالية بين الحكومة وحزب الله.
وبنتيجة إدراك قيادة حزب التيار الوطني الحر بالكلفة الباهظة للدعم الذي وفرته لحزب الله في المرحلة الماضية، قررت هذه القيادة الإفساح في المجال أمام نوابها وكوادرها لإبداء بعض الانتقاد لمواقف الحزب ولكن في شكل لا يتسبب بتوتير العلاقة معه.
في المقابل، تفيد أوساط حزب الله أنه "يتفهم خصوصية موقع التيار الوطني الحر، ولا يمانع في أن تفرض هذه الاعتبارات تبايناً في المواقف. ذلك أن التفاهم بين الطرفين لا يعني التحالف بينهما ولا المطابقة في كل التفاصيل". ولا تخفي أوساط حزب الله امتنان الحزب وقيادته من أداء العماد عون خلال فترة المحنة وقبلها وبعدها، واستعدادها في الفترة الحالية لتقبل كل انتقاد منه علني أو سري بكل رحابة صدر. وقالت انه في حال تسببت له مواقفه إزاء دور المقاومة بتراجع في شعبيته على المستوى المسيحي فأنه كسب، في المقابل، الكثير من التأييد على المستوى الشيعي. وتلفت هذه الأوساط إلى أن لحزب الله تطلعاً لجعل التفاهم تحالفاً في المستقبل القريب.