تمام مروّه
يعتبر التوثيق من الخطوات الاساسية التي يجب التركيز عليها في صياغة اي وثيقة للضغط على إسرائيل أو محاكمتها على جرائم الحرب التي ارتكبتها في لبنانأثناء العدوان، وعلى مدى شهر، تعددت وتكثفت الاعتداءات، ومعها ايضا تقارير ووثائق صدرت عن جمعيات غير حكومية محلية، منها جمعيات حقوق الانسان التي نشطت في السنوات الاخيرة، وانتشرت تقاريرها بفضل شبكة الانترنت،
يؤكد عدد من هذه الجمعيات على اهمية اقامة دعوى بحق اسرائيل. وذهب «مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب» إلى الدعوة لإقامة محكمة دولية، كما يقول محمد صفا من المركز «ان ما حصل في لبنان اثناء العدوان يعتبر ابادة جماعية». الا ان الجميع يعترف بالصعوبات القانونية والسياسية التي تعترض دعاوى كهذه، خصوصا في ظل عدم توقيع كل من لبنان واسرائيل على معاهدة روما التي أسست للمحكمة الجنائية الدولية والتي تقتصر سلطتها على محاكمة الافراد الذين نفذوا جرائم جماعية. وأشارت الجمعيات الى اهمية تحرك الدولة في هذا الاطار، للاستفادة من محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وتسعى جمعية «سوليدا» إلى تشجيع الافراد المتضررين والذين يحملون جوازات سفر اجنبية الى رفع دعاوى في البلدان التي يحملون جنسياتها. وتحذو حذوها «جمعية حقوق الانسان الفلسطينية» المطّلعة على تجارب جمعيات في فلسطين في هذا المجال مثل «عدالة 48».
جمعية «الخط الاخضر» و«الجمعية اللبنانية لحقوق الانسان» توثّقان الاحداث كجرائم حرب. وبينما تعتمد الاولى على البحث والتحقيق في موقع التلوث «الجريمة» وعلى استشارات التقنيين من الخارج، اضافة الى الاعلام، تعمل الاخرى على توثيق يومي للمجازر، ونشره تباعا على صفحتها الإلكترونية. فيشكّل مادّة أساسيّة لأي ملف توثيقي للجرائم في ما بعد.
ويعتبر البعض أنّ التوثيق الذي تقوم به الجمعيات في لبنان ليس إلا تسجيلاً ليوميّات الاعتداء، وأنّ مصدر المعلومات الرئيس هو وسائل الاعلام. وهذه ثغرة حقيقية في مسار توثيق جرائم الحرب. أضف الى ذلك عوائق اخرى كالاعتماد على جهاز بشري ناشط في مجالي حقوق الانسان والعمل الاجتماعي من دون اي تدريب او اختصاص في توثيق جرائم الحرب. ناهيك عن صعوبة الوصول الى اماكن الجريمة لاجراء التحقيق ومقابلة الشهود واخذ العينات بسبب استمرار الاعتداءات لفترة شهر.
أثار تكرار المجازر الرأي العام العالمي. وساهمت تقارير الجمعيات المحلية التي انتشرت في جميع انحاء العالم، في عقد جلسة خاصة لمجلس حقوق الانسان في 11 آب، انتهت الى ادانة الاعتداءات والى ارسال لجنة من اجل التحقيق في استهداف اسرائيل للمدنيين، وفحص انواع الاسلحة المستخدمة.
اعطيت اللجنة مهلة حتى الاول من ايلول لتقديم تقريرها الى المجلس. وبحسب رئيس «بعثة لبنان الدائمة في الامم المتحدة في جنيف» جبران صوفان، ستكون اللجنة بحاجة الى جهد الجمعيات غير الحكومية واللجنة النيابية لحقوق الانسان لتزويدها بالوثائق الضرورية.