شتورا ـ نيبال الحايك
لم يكتمل حلم أبي مهدي عواضة ببناء منزله الذي كان يفكّر فيه منذ أوائل أيّام زواجه. ما زالت زوجته تحاول أن «تصبّره» على هذه المأساة التي حلّت بمسكنهم الذي «ما لحقنا نسكن فيه ونتهنّا».
هذا ما كان يردّده هذا الرجل الكهل الذي أصيب بصدمة حين رأى منزله مدمراً، ولم يبق منه سوى «كومة» من الحجارة متراكم بعضها فوق بعض، وكأنّ «تعب السنين راح بالأرض».
أبو مهدي من بلدة الخيام. وهو، منذ أوائل أيّام الحرب، كان مصرّاً على العودة إلى بلدته ولكن... تهدّم منزله، ودفنت داخله آمال كثيرة، فأبو مهدي معيل لعائلة من أربعة أفراد.
غادر مهدي، ابنه الأكبر، إلى نيجيريا إثر عدوان عام 1996 وحصول مجزرة قانا. «سافر ليــــساعدنا... فــــهـــو يبيع البوظة في محل صغير في نيجيريا، ويرسل لنا المال لمساعدتنا على الايام الصــعبة»، يقــــول أبــــو مــــهــدي بحـــسرة ووجع.
فالغربة حرمته ابنه البكر و«ولي عهدي». والحرب الإسرائيلية على لبنان «حرمته» منزله في الخيام.
يتحدّث أبو مهدي بحنين و«حماسة» عن منزله الذي رمّمه مراراً في الخيام، وعن حقل الورد الذي كان، كل صباح، حين يفتح عينيه، يتّجه نحو باب المطبخ، ومنه نحو «الجنينة» وورودها.
عند اذاعة خبر «وقف اطلاق النار»، لم يخطر ببال ابي مهدي سوى «جل الورد» في الخيام.
لكن حين زار البلدة «لم تكن صواريخ العدو الإسرائيلي قد رحمت الورود». و«الحكي مش متل الشوفة. القصف أصاب البيت كلّه وجلّ الورد. الصواريخ لم ترحم شيئاً في الخيام. صارت الضيعة صحراء».
لن يستطيع ابو مهدي اليوم ان يعود الى الخيام والاهتمام بـ«جل الورد»، ولن يستطيع الرجوع الى منزله.
فضّل البقــاء في مكان نزوحه القسري في بلدة علي النهري حيث وفّر له بعض الأصدقاء مــــنـــزلاً و«جلّاً» صغـــيـــراً ليزرعه بورود شبـــيهة بورود الخيام.