ناصر شرارة
باشر الجيش اللبناني، منذ أربعة أيام، انتشاره على الحدود اللبنانية السورية. وبحسب مصادر مطلعة على هذا الملف، فإن ما أنجز حتى الآن من هذا الانتشار، يعدّ مرحلة أولى من خطة كاملة ومعقدة، تهدف في النهاية الى ضبط كامل للحدود اللبنانية ــ السورية تطبيقاً للقرار 1701. وتوضح هذه المصادر أن خطة ضبط الحدود بين سوريا ولبنان مؤلفة من مرحلتين اثنتين:
الأولى، أنجزت وانتشر بموجبها اللواء الخامس من الجيش اللبناني (عديده نحو 1500 عسكري وضابط) بأمرة العميد نبيل ناصر، في المنطقة الحدودية اللبنانية ــ السورية الممتدة من العريضة الى أكروم على الناحية الشرقية من الحدود في تلك المنطقة. أما المنطقة الممتدة من هذه النقطة الأخيرة حتى المصنع، والتي تشمل السلسلة الشرقية، فسلم الإشراف عليها الى أفواج من التدخل السريع في الجيش.
وبحسب المعلومات حققت المرحلة الأولى هدفاً أساسياً بتقدم وحدات الجيش من الخطوط الخلفية التي كانت موجودة فيها في مقابل خط الحدود، الى النقاط الحدودية الأمامية الملاصقة له. وبهذا المعنى فإن انتشار الجيش رسم واقعاً عسكرياً جديداً على الأرض في تلك المنطقة.
وسيركز الجيش في المرحلة الأولى من خطة الانتشار، حصراً، على مكافحة تهريب الأسلحة بكل أنواعها، ولن يكون من مهماته، في هذه المرحلة على الأقل، منع عمليات التهريب، وخصوصاً تهريب الترابة والمحروقات والمواد الغذائية، وبهذا المعنى ينفذ الجيش قرار الحكومة السياسي المتعلق بتأمين موجبات القرار 1701 في تلك المنطقة، بما من شأنه نزع جانب من الذرائع الإسرائيلية التي تحتج بها تل أبيب لمواصلة حصارها على لبنان.
وكشفت هذه المصادر أن أي تنسيق بين الجانبين السوري واللبناني لضمان تكامل جهود المراقبة على الحدود بينهما لم يعد قائماً الآن، علماً بأن آخر عملية مشتركة بين الجيشين في هذا المجال، جرت قبل بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان بأسابيع، وأسفرت آنذاك عن اعتقال نحو 200 شخص يعملون في مجال التهريب، وكشف التحقيق مع بعضهم، بحسب مصادر أمنية سورية رفيعة، عن وجود خطة لدى تنظيم «القاعدة» لاستخدام كل من لبنان وسوريا ساحتي انطلاق للعمل في الأردن وفلسطين والعراق. وأظهرت التحقيقات أن تنظيم «القاعدة» حدّد «بنك أهداف» في الأردن يتضمن تفجير مؤسسات حيوية.
وكشفت المعلومات أن انتشار الجيش اللبناني في هذه المرحلة لن يوفر مراقبة كاملة للحدود، نظراً الى الطبيعة الجغرافية الصعبة لتلك المنطقة التي تضم مئات المعابر غير الشرعية ذات المسالك الوعرة، علماً بأن الجيش تمكن، حتى الآن، من ضبط معابر رئيسة غير شرعية في مناطق حنيدر ووادي خالد واكروم. كما أن التداخل الديموغرافي لبعض القرى الحدودية، التي يسكنها لبنانيون وسوريون، يعيق عملية المراقبة. وتؤكد مصادر مواكبة لهذا الموضوع أن هذه المشكلة لن تحل تماماً إلا بعد ترسيم الحدود بين البلدين.
وستشمل المرحلة الثانية من خطة الانتشار، بحسب المعلومات عينها، إقامة مخافر مراقبة. ما يحتاج الى عدد كبير من الجنود، وفي انتظار ذلك، يستعاض عن هذا بنصب كمائن لضبط عمليات تهريب الأسلحة.
وتختم هذه المعلومات، بأن الانتقال من المرحلة الأولى لمراقبة الحدود اللبنانية ــ السورية الى المرحلة الثانية ينتظر تأليف اللجنة العليا المشرفة على المعابر والمرافئ. وكان هذا الأمر محل درس أول من أمس في مجلس الأمن المركزي الذي أقر تأليفها قريباً، على أن تكون تحت إشراف قوى الأمن الداخلي، ويتولى رئاستها مدير قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وسيكون من ضمن مهماتها الإشراف على كل لجان مراقبة المرافئ والمعابر في لبنان تطبيقاً للقرار 1701 الذي ينص على وضع مراقبين لضبطها.