strong>أجرى الموفدان الدوليان تيري رود لارسن وفيجاي نمبيار نهاية الاسبوع الماضي سلسلة محادثات شملت معظم المسؤولين اللبنانيين من بينهم الرئيس أمين الجميل.

جورج شاهين

يحرص الرئيس الأعلى لحزب الكتائب أمين الجميل على التأكيد أمام زواره من موفدين دوليين وعرب وسفراء الدول الكبرى أن ما جرى ويجري في لبنان عموماً والجنوب لمعالجة آثار العدوان الإسرائيلي على لبنان وتنفيذ القرار 1701، لم يعد أمراً عسكرياً أو جغرافياً فحسب، بل إن هناك وجوهاً أخرى أكثر أهمية وتستحق العناية أكثر بكثير.
وعلى هذه الخلفية كان الجميل واضحاً أثناء لقائه موفدي الأمين العام للأمم المتحدة فيجاي نمبيار و تيري رود لارسن، أول من أمس، بالتأكيد أن المشكلة الحقيقية تكمن في رسم خر:يطة طريق واضحة وثابتة الى السلام الذي ينشده اللبنانيون، وباتوا يستحقونه عن جدارة، فلا تبقى ممتلكاتهم وأرواحهم وبناهم التحتية عرضة لزلزال كل عقد من الزمن بسبب عدم قيام ستاتيكو في المنطقة يوفر استقراراً طال انتظاره منذ قيام الدولة الإسرائيلية.
ولفت الرئيس الجميل الى خطأ اقتصار معالجة القضية المطروحة على الجانب الأمني، مشيراً إلى أن الحل سيكون عن طريق نشر قوات الطوارئ الدولية في الجنوب بعد توسيعها وتعزيزها بالعديد والعتاد، لتكون قوة داعمة للجيش اللبناني الذي عاد الى الجنوب بعد انتظار طال أكثر من 39 عاماً. أضاف إن من «الخطأ الفادح أن نتطلع الى البقعة الجغرافية للمنطقة الأمنية التي ستمتد وفق القرار 1701 من مجرى نهر الليطاني جنوباً حتى الخط الأزرق، وكأن بسط سلطة الدولة واليونيفيل كافٍ لاستقرار المنطقة وإنهاء النزاعات وسد كل الثغر الأمنية والعسكرية والجغرافية التي تسبّب بها الاحتلال وولّد المقاومة اللبنانية إزاءها».
وقال الجميل: «المشكلة أبعد من ذلك، وعلينا كحكومة لبنانية وكدولة تتمتع بسيادتها على كامل أراضيها ومنها المنطقة الأمنية، بالتعاون مع المجتمع الدولي ومفاعيل القرارات الدولية، العمل على قيام الدولة القوية والقادرة والفاعلة التي تتولى أمن المنطقة ولبنان بكل المعايير التي تقوم عليها الدول بالمفهوم الدولي للمواثيق التي ترعى استقلالها وسيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها. فلا يكفي أن نحمّل الجيش وقوات الطوارئ الدولية مسؤولية الأمن ونزع سلاح المقاومة والميليشيات وإنهاء كل ذرائع الاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة الأمنية فقط. ففي مثل هذه الحال ماذا سيكون عليه الوضع مثلاً شمالي نهر الليطاني وفي البقاع والشمال؟».
أضاف: «لا يكفينا أن نطمئن إسرائيل إزاء وقف خطر الصواريخ على مستوطناتها ومدنها في الجليل الأعلى وصولاً الى العمق الإسرائيلي، ولا يكفينا أن نطمئن إسرائيل ومعها المجتمع الدولي الذي يقف الى جانبها في السراء والضراء ويبرر لها كل الانتهاكات للقرارات الدولية منذ قيامها».
وشدّد الجميل أمام الموفدين الدوليين على أهمية التعاطي مع النقاط السبع التي أقرتها الحكومة وأجمع عليها كل لبنان كرزمة واحدة غير قابلة للتجزئة، «فهي خريطة الطريق الأولى والأخيرة لطمأنة اللبنانيين والمستثمرين والقاطنين في الاراضي اللبنانية، وإنعاش الأمل لديهم بإمكان قيام الدولة».
ولدى سؤال لارسن ونمبيار عن ملفي الأسرى اللبنانيين ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ذكّر الجميل بمطالبته المجتمع الدولي إبّان العدوان “بضرورة إعطاء الحكومة هاتين الورقتين كضمان للهدوء ووقف النار بشكل فوري وشامل، وطمأنة اللبنانيين والمقاومة لجهة النيات الإسرائيلية في نزع فتيل الأزمة ما دام المجتمع الدولي لم يكن في وارد إهداء النصر الى المقاومة”.
وشدّد الرئيس الجميل على أنه لا يتطلع الى دور القوة الدولية قياساً على عديدها وعتادها، ووجود مشاركة أوروبية أو غيرها، بقدر ما يتطلع الى القرار السياسي الدولي الذي يوفر لها الحصانة والحماية لقيامها بالدور المنوط بها. أضاف: “لا نرى مشكلة في قيادة فرنسية لهذه القوة أو إيطالية، بقدر ما نرى توفير الضمانات التي تجعلها قوة حماية حقيقية تتآلف مع محيطها من الشعب اللبناني وتوفر له الطمأنينة وتنهي الحاجة الى أي سلاح غير شرعي أو أي مبرر لوجوده تحت الأرض أو فوقها، وتشكل ضمانة للاستقرار الذي افتقده الجنوب ولبنان منذ عشرات السنين”.
وختم الجميل بالإشارة الى أن التردّد الأوروبي في المشاركة في القوات الدولية “له ما يبرره في ظل الغموض الذي لف جوانب من القرار الدولي وطريقة تعاطي الحكومة معه تجنباً للحساسيات الداخلية»، ورأى أن الحل «يجب أن يكون متكاملاً من الداخل والخارج في آن، والأمر يعود بالنتيجة الى احتمال وجود قرار دولي بقيامة لبنان من سلسلة المحن التـــي يعـــــيشها في محيط يتطلع اليه بكثير من الحقد والحسد”.