أنطوان الخوري حرب
قد يكون من البديهي أن تتضمن جعبة الحكومة سلة قرارات أمنية مواكبة لتنفيذ القرار الدولي 1701، ولا سيما آلية نشر قطع للجيش اللبناني في الجنوب، لكن الاستراتيجيات الأمنية تتجاوز البقع الجغرافية المحددة في القرارات الدولية والقرارات الأمنية اللبنانية الى الجهوزية المطلوبة.
وحسب ما بدأ ترداده وتسريبه، فإن لقوى الأمن الداخلي دوراً في القرار المركزي أمنياً يتلازم مع منهجية أمنية بدأ إعدادها وتنفيذها منذ تعيين المدير العام الحالي اللواء أشرف ريفي الذي بدأت معه تغييرات جوهرية في تشكيلات قطع قوى الأمن مع ما رافق هذه الخطة من أسئلة حول فرع المعلومات وصلاحياته وتجهيزاته وعديده، الى حد شمول قضايا تنسحب من الأمن الى السياسة فالاستراتيجية الحكومية في التعاطي الأمني.
وتحت عنوان «تمكين الأمن» بعد تحريره من الوضعية التي أُرسيت خلال مرحلة الرعاية السورية لمعادلة الأمن في لبنان، بدأت الإجراءات الاستثنائية التي كان أبرزها إعادة المقدم وسام الحسن من التقاعد الى الخدمة الفعلية وتعيينه رئيساً لفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. وكان ذلك مترافقاً مع مسار التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والضرورات التي أوجبتها آلية عمل لجنة التحقيق الدولية. لكن تطور الأحداث أضاف أولويات جديدة في ضوء نتائج العدوان الإسرائيلي. وتساءلت قيادات سياسية عن كيفية التعاطي مع هذه الأولويات، ويعزز هذا التساؤل الكلام الذي تم تداوله أخيراً حول سحب الألوية العسكرية للجيش من الداخل ونشرها بالكامل على الحدود مع إسرائيل وسوريا والإبقاء على القطع غير المقاتلة في الداخل، كأفواج التدخل وفرع المكافحة والشرطة العسكرية، لتكون جاهزة لمؤآزرة قوى الأمن في تنفيذ السياسة الأمنية بصورة حصرية، بحيث تنحصر مهمات مجلس الأمن المركزي في وضع الخطط والتنسيق بين القطع العسكرية للقوى المسلحة لمصلحة قوى الأمن. وهكذا تصبح الكلمة الفصل في الملف الأمني لوزير الداخلية الذي يتبع سياسياً في هذه المرحلة الى فريق الأكثرية.
وتبرز مخاوف عند فريق من تسييس الأمن بسبب المحسوبيات السياسية في تشكيلات قادة قطع قوى الأمن الداخلي، فقائد منطقة جبل لبنان حيث يتواجد الثقل القيادي لقطع الجيش، هو العميد بهيج وطفا الذي وصل الى موقعه بطلب من سمير جعجع، رغم الاعتراضات الكثيرة التي رافقت تعيينه، ورئيس فرع المعلومات عُيّن بسبب انتمائه الى تيار «المستقبل»، إضافة الى العديد من الضباط المحسوبين على قوى في تجمع الأكثرية، باستثناء بعض المواقع الأمنية (الأمن العام) العائدة للطائفة الشيعية عُرفاً.
فهل من أُفق ل تنفيذ مخططات أمنية خارج مفهوم الوفاق السياسي، أم معادلة الأمن بالتراضي ستعود لتلعب على التوازنات وربما التناقضات في التركيبة السياسية؟