تحتل التشكيلات القضائية أولوية اهتمامات مجلس القضاء الأعلى الذي أبقى اجتماعاته شبه مفتوحة لإنجاز مشروع مرسومها قبل مطلع السنة القضائية التي تبدأ في 1 تشرين الأول المقبل، من دون أن يسقط من حسابه العوائق السياسية وغير السياسية التي قد تحول دون الإفراج عن المرسوم في الوقت المناسب. وعلم أن المجــلس برئاســـــــة القــــــــــاضي أنطــــــوان خير وضـــــع مســـألة التشكيلات عـــلى نار حامية بـــعــــــدما تأخر بحثها أكـــثر مـــن شــــهر بــــفـــعل العــــدوان الاسرائيـــــلي، وباشر درســــهـــــا آخذاً في الاعــــتبار مبدأ الأهلية والكفاءة والـــــــنزاهة، اســــــتناداً الى تـــقارير هيئة التـــــفتــــيش القــــــضـائي الــــتي يعدّ دورها أســـــاسياً في تقــــويم أداء القـــــاضي وسلـــــوكه وتجــــرده وبعده عن الإغراءات والـــــتأثــيرات والتدخلات السياسية وغــير السياسية، فـــــضـــــلاً عن قدرته على بــــتّ القــــــضايا العـــــالقة لديه وإيـــــــصال المتـــــــقاضين الى حــــقوقهم من دون إبطاء.
وترى مصــــادر متابعة للمناقشـــــــات الدائرة خلف الأبواب القضــــــــــائية المغلقة أن مجلس القضاء الأعلى بغالبية أعضائه كوّن الرؤية التي سيصيغ على أساسها مرسوم التشــــــــكيلات تمهيداً لعرضه على وزير العــــــــدل شارل رزق.
وأشارت الى أن غالبية قضاة لبنان يتمتعون بمستوى عال من المناقبية والنزاهة، وأن نسبة المفاضلة بين هذا القاضي وذاك قليلة جداً، والمشكلة لن تكون عند ما سيتـــوافق عليه أعضاء المجلس أو تتباين آراؤهم حوله، وإنما عند السياسيين الذين يشكّلون الممر الإلزامي لهذه التشكيلات. وقالت: «هناك ستكون المعركة حامية، وسيشهر كل طرف سلاحه في وجه الآخر للإتيان بالمحسوبين عليه الى المراكز الأساسية، وأهمها المدّعون العامون وقضاة التحقيق الأوَل في بيروت والمحافظات ورؤساء المحاكم في الاستئناف والتمييز، ما قد يجعل ولادة التشكيلات القضائية عسيرة جداً، هذا إن لم يجرِ إجهاضها».
وفي رأي المصادر فإن قوى الأكثرية «تحاول أن تأتي التشكيلات العتيدة وفق رؤيتها للسلطة القضائية أو أن تكون لها حصة الأسد فيها، خلافاً للوضع القائم الذي فرضه النائب العام التمييزي السابق عدنان عضوم إثر تعيينه وزيراً للعــدل في خريف 2004 عبر تشكيلات جـــــــعلت المفاتيح القضــــائية كلها في يد رئيس الجمهورية اميل لحود».
الا أنها اعتبرت ان هذا الأمر يبدو بعيد المنال بالنسبة الى الأكثرية التي «تدرك أن رئيس الجمهورية لن يفرّط في حصّته أبداً وسيتمسك بها أياً تكن النتائج، ولا سيما أنه يضــــــــــــع هذا الأمر في خانة المعارك الســـــياسية الهــــــادفة الى تقويض دوره، لذلك فهو قادر على فرض شروطه ما دام الأمر رهن توقيعه».
أمام هذا الواقع الذي يُفقد السلطة الثالثة استقلاليتها، يبدو القضاء اليوم أمام مخاض جديد لا حلّ له إلا بتسوية على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، أو طيّ هذا الاستحقاق الى ما شاء الله.
(الأخبار)