عكار ــ إبراهيم طعمة
تنتقل مأساة اللاجئين السياسيين العرب من منطقة إلى أخرى في لبنان، بعد هروبهم من الضاحية الجنوبية بفعل العدوان الاسرائيلي. وينقل هؤلاء معاناتهم معهم من مكان الى آخر، من دون أن تلوح في الأفق بوادر حل لأزمتهم بسبب عدم اكتراث الجهات المخوّلة (حسب إفادات بعضهم) وضع آلية تكفل حفظ حياتهم وكرامتهم كبشر، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو المذهبية .
فقد نقل المكتب الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت، ستة وخمسين لاجئاً سياسياً من دير عشقوت الى دير سيدة القلعة في بلدة منجز في عكار، ووضعوا، في ما يشبه الإقامة الجبرية، في باحة الكنيسة ومنعوا من مغادرتها، حيث نصبت ثماني خيم لإيوائهم منذ ليل الأحد الفائت.
يتوزع هؤلاء بين أربعين سودانياً، وستة عشر عراقياً بين رجال ونساء وأطفال، يعانون قلة المواد الغذائية، وقلة الطعام وحليب الاطفال. ويتّهم هؤلاء مكتب الأمم المتحدة بمحاولة التنصل منهم، لأنهم باتوا يشكّلون عبئاً عليه. هذا ما تحدث به السوداني عيساوي حماد الذي أوضح أنّهم يملكون الوثائق الثبوتية المسجلة في المكتب الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت على أنهم لاجئون سياسيون، هاربون من الاضطهاد السياسي فـي بلدانـــهم.
ويوضح حماد أنهم غادروا مكان سكنهم من دون أن يأخذوا أي شيء من أغراضهم. وقد دمرت ممتلكاتهم من مفروشات وغيرها، كما لم يحصلوا على أموالهم من أرباب عملهم، وباتوا في عهدة الأمم المتحدة التي لا تعالج مشكلتهم بجدية، محاولة التنصل من مسؤولياتها تجاههم، ولا تزوّدهم إلا بالنزر القليل من الحاجيات الغذائية لسد جوع الأطفال.
العراقي علي العسكري أوضح من جهته أنّه غداة هروبهم من الضاحية الجنوبية حيث دمرت المساكن التي كانوا يقطنونها، اضطروا الى اقامة اعتصام امام مكتب الأمم المتحدة في فردان، فعمد الموظفون الى نقلهم الى مدرسة في بئر حسن، حيث حلق طيران الأباتشي الاسرائيلي فوق المكان، وهو ما أرعب الناس، وقامت حال أشبه بالهستيريا، فأُحضرت مجموعة سيارات نقلتهم الى دير عشقوت حيث نصبت لهم خيم بين الاشجار الحرجية، واستمرت إقامتهم هناك 21 يوماً في ظل ظروف قاسية، فأصيب عدد من الأطفال بإسهال حاد، وبعضهم ضربته «الحكّة» من جراء احتكاكهم بالنباتات التي ينامون فوقها.
ويتابع العسكري: «انجبت احدى السيدات طفلاً خلال وجودنا في عشقوت، ولم يتلق الاثنان العناية الطبية اللازمة. وبدل الاهتمام بنا، أبعدونا من عشقوت إلى الدورة في بيروت، ومن هناك الى دير سيدة القلعة في منجز».
ويتساءل العسكري: «أيعدوننا بشراً أم ماذا؟ أين حقوقنا كلاجئين سياسيين مضطهدين في بلادنا؟ لماذا يحاولون التنصل من قضيتنا؟ هل هناك من ضغوط سياسية يتعرضون لها، أم أنّهم غير راغبين في صرف الأموال علينا؟ تصوّروا أنّهم أعطوا لكل فرد علبة واحدة من المعلبات لا تكفيه لوجبة واحدة، ويوم الاحد الفائت بقينا من دون فطور، ومن دون وجبة غذاء».
ويضيف العسكري: «معنا عدد كبير من الأطفال، ماذا نفعل بهم؟ لقد احتضننا الأب حنا اسكندر، رئيس الدير، وله كل الشكر، والامتنان، ولكن لا قدرة له على إعالتنا جميعاً. هذه مسؤولية الأمم المتحدة في إيجاد الحل المناسب لقضيتنا».