دعت "مؤسسة بشير الجميل الاجتماعية" الى احتفال، لمناسبة مرور 24 عاماً على انتخاب الجميل رئيساً، في السابعة مساء اليوم في الأشرفية. ويتخلل الاحتفال مسيرة الى النصب التذكاري لإضاءة الشموع والصلاة وتعليق صورة عملاقة للرئيس الراحل في الساحة
غسان سعود

هل تحوّلت «القوات اللبنانية» إلى مجرد أرض ليستعيد جعجع مكانته؟
يسترجع قوّاتيون كثر في ذكرى انتخاب قائد «القوات اللبنانية» الراحل بشير الجميل رئيساً للجمهورية، ذكريات كثيرة عن مشروع آمن به الجميل وجذب إليه مسيحيين كثراً. لكن «مشروع الدولة» لم ينعم بالتنفّس أكثر من 22 يوماً، ثم اندثر تحت أنظار فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل، وهي الدول التي راهن بشير على احتضانها لمشروعهويقول أحد مؤسسي القوات إن لحظة اغتيال بشير «شكّلت نهاية ذلك المشروع وبداية مآسي المسيحيين واندثار القوات، إذ وقع المسيحيون ضحية تخلّي الغرب عنهم في منتصف الطريق، وتراكمت معاناتهم، من حرب الجبل وتهجير المسيحيين من عمق امتدادهم، مروراً بالحروب المتعددة بين سمير جعجع والقيادات المسيحية الأخرى، ووصولاً إلى فرض اتفاق الطائف وآثاره السلبية على المسيحيين».
ويوضح: «منذ عام 1989 بدأ مجلس قيادة القوات يتحوّل هيئة صورية، لا نفوذ لها ولا تأثير في القرار السياسي. وانتهت القوات فيدرالية تمثيلية للأحزاب والتيارات المسيحية المختلفة التي شاركت في الحرب، أبرزها الكتائب والأحرار والتنظيم وحراس الأرز، وتحولت قاعدة نفوذ لسمير جعجع».
ويعتبر نديم بشير الجميل في اتصال مع «الأخبار» أن الجزء الأساسي من مشروع والده المتعلق ببناء الدولة القوية لم يتحقق. والشاب المسيحي لا يشعر بأن هذه الدولة تمثّله. فمن جهة ثمة طرف يقرر ساعة يشاء القيام بحرب، ومن جهة أخرى هناك طرف ثان يقوم بتعيينات وتشكيلات ويستحدث قوانين على مقاسه. فيما المسيحيون مهمّشون، ولا يقومون بأي فعل أو رد فعل، وما من توازنات أو تعددية في الحكم».
وعن الكتائب اللبنانية والقوات اللتين تركهما بشير في «القمة»، يقول نديم: «لا أتكلم عنهما كحزبين وإنما كشباب مؤمنين بقضية. الحزب والأشخاص والنهج اختلفوا، لكن القضية لا تزال على حالها. وعلى رغم أن الأشخاص غيّروا الواجهة والوجهة إلا أن المشروع بالنسبة إلى المسيحيين لا يزال هو نفسه».
ويميّز أحد أبرز القياديين القواتيين الطالبيين السابقين بين «القوات اللبنانية ــ المقاومة» و«القوات اللبنانية ــ الحزب». فـ«الثانية لم تأخذ من الأولى سوى الاسم والشعارات وبعض الأشخاص». فيما يعتقد قواتي كاد أن يتفرّد في حمل «نير القضية» في الجزء الثاني من التسعينيات، بأن «خطأ القوات الأكبر الذي يهدد وجودها، حصل عندما شكّلت من داخل قرنة شهوان العمود الفقري لسياسة التحالف الاستراتيجي (كما سمّاه سمير جعجع في السجن) مع النائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري. ولم تلتقط الإشارة مثل التيار الوطني الحر، ولم تشعر بالتحدي المزدوج للمسيحيين، في استعادة السيادة وإعادة التوازن».
ووسط الاعتراضات القواتية الكثيرة على سلوك القيادة الراهنة للقوات، والتفرّد الذي يثير بحسب بعض الأوساط السياسية، تذمّراً من بعض أعضاء اللجنة التأسيسية نفسها، وخصوصاً أن هناك شبه اعتكاف إعلامي وميداني لبعض الوجوه القواتية البارزة، التي كانت الى وقت قريب تُعتبر حليفة لجعجع ضمن المعسكرات المواجهة بعضها بعضاً داخل الجسم القواتي، يُسجّل في ذكرى انتخاب بشير رئيساً، اعتراض عدد كبير من القواتيين وخصوصاً أن بشيراً نفسه كان قد أقسم في 23 آب 1982 أن «الوفاق حكم لا لقاء، إرادة وطنية لا إجماع وطني، وقناعات موجّهة تجاه الوطن، لا تنازلات متبادلة بين فئات الوطن»، بينما القيادة القواتية الراهنة وضعت كل هذه المبادئ خلف هدف اقتناص مقعد وزاري واحد وخمسة نواب!
«زملاء النضال والمقاومة»، ومعظمهم منضوون في حركة «سيدة إيليج»، التقوا مع المسؤول القواتي «العتيق» حنّا العتيق وقياديين قواتيين اغترابيين عدة على أن «ثمة ضرورة للتداول في واقع غياب المشروع القواتي السياسي الواضح، وعدم وضوح التحالف الاستراتيجي مع حلفاء القوات وغاياته، وتدنّي مستوى المناقبية الخلقية في العمل الحزبي والسياسي العام، واستمرار أحادية الرأي والقرار والدور والممارسة، والتماهي الحاصل في مفهوم الولاء بين القضية والشخص، وانعكاس استمراره على الفرز القواتي الداخلي، وتنامي العامل الشخصي العائلي».
ويستعيد أحد القواتيين قول «شهيد الـ10452 كلم» في خطاب القسم: «الرئاسة قيادة لا حراسة، ويقظة متحركة وليست يقظة جامدة(...) والشرعية حضور في الشعب، وليست وجوداً في الدولة، والشرعية تنمو بمقدار ما تقوم بدورها، وتخبو بمقدار ما تتنازل عن هذا الدور،(...)»، ليؤكد أن «انحراف القيادة القواتية نحو الفعل بدل التفاعل، واهتمامها بالهيئة بدل الهيبة، أفقدها الديناميكية القيادية والشعبية». واعتبر أن «تلكؤ القيادة الراهنة في ممارسة الدور المسيحي المفترض بها ممارسته، أفقدها الشرعية المسيحية عموماً والقواتية خصوصاً».