زحلة – رلى شرّو
لعلّ زحلة ومنطقتها من أكثر المناطق اللبنانية تضررا بسبب هروب غالبية العمال السوريين خوفا من العدوان الاسرائيلي. احد ابرز تداعيات رحيل هؤلاء العمال هو ما نشاهده من مأساة لدى المزارعين خلال الشهر المنصرم وحتى اليوم، اذ تعالت اصواتهم: «نريد قطّافين»! وهم مستعدون لدفع أجور قد تصل الى 35 الف ليرة في اليوم، أي تقريباً ضعف ما كان يتقاضاه العمال السوريون, وذلك في سبيل انقاذ الموسم الزراعي.
الموسم هذه السنة كان يعد بالكثير، اذ لم ينهمر البَرد على المحصول وهو أكثر ما يخشاه المزارعون. ولكن بدلا من البَرد، انهمرت القذائف وأصبح الموسم "على الأرض". بعض المزارعين فقدوا الأمل، فلم يعودوا يهتمّون بالأرض كما يجب. فالدراق مثلا بحاجة للري كل اسبوعين تقريباً. ولعلمهم بأنه ليس بإمكانهم تصدير منتوجاتهم الى الخارج أو حتى الى بيروت وبعلبك، لم يكترثوا للري.
شباب التيار الوطني الحر هم عينة عن الذين لبّوا النداء وشعروا انها مسؤوليتهم في مساعدة المزارعين. فتطوّع 35 شابا من التيار الوطني الحر للعمل في القطاف، ووزّعوا المسؤوليات في ما بينهم: قطاف، توضيب، وفرز المحصول. وبدأوا بالعمل ست ساعات يومياً. يقول طوني روحانا المسؤول عن هؤلاء الشباب: «نحن كتيار كان لدينا خطة لمساعدة المزارع قبل الحرب. وعندما اندلعت الحرب تحركنا على الفور وبدأنا العمل».
ويعبر فادي عن فرحه بما يفعله فيقول: «لم اكن أعرف أنني سأشعر بالفخر يوما وأنا اقطف الدراق! ولكنني اساعد أهل مدينتي وتلك هي الحرية ان تتنازل عن كبريائك وتساعد»!
شباب التيّار لم يتقاضوا مالاً لقاء عملهم، إنما أخذوا الدراق ووزعوه على اللاجئين في كافة المدارس.
عينة اخرى عما فعله أهل البقاع في سبيل "انقاذ الموسم" هم شباب منطقتيّ تربل والفرزل. فهذه مناطق غالبيتها كروم وتعتمد كلياً على الزراعة. حب هؤلاء لوطنهم دفعهم أيضاً للتحرك والمساعدة، فعمل جميع الشبان في القطاف.
ولكن الزراعة ليست المشكلة الوحيدة التي نتجت عن رحيل العمال السوريين. اذ ان الكثير من هؤلاء العمال كانوا يعملون في المطاعم. وعندما تحدثنا مع بعض أصحاب المطاعم قالوا لنا: " رحل جميع العمال السوريون وكنا نتكل عليهم بمعظم الأعمال. أما اليوم فنحن مضطرون لإستدعاء عائلتنا واقاربنا لمساعدتنا."
اليوم وبعد انتهاء الحرب عاد القليل من العمـــال الســــوريين، ولكن موسم قطاف العنب قريب ويحتاج لسواعد كثيرة.