جديد «قافلة مرجعيون»: غرفة العمليات الاسرائيلية «نسيت» تعديل برنامج الـ «أم. ك»قصة القافلة التي انطلقت من مرجعيون وفي عدادها اكثر من 3 الاف شخص لم تنته فصولاً بعد. وجديدها نفي اسرائيل وتأكيد «اليونيفيل» الحصول على الموافقة بوصولها الى بيروت دون التعرض لها.
ابراهيم عوض

قصة الاحتلال الاسرائيلي لثكنة مرجعيون وأسر قائدها العميد عدنان داوود و 350 عنصرا من القوى الامنية المشتركة داخلها، وقصف الطيران الحربي الاسرائيلي للقافلة التي خرجت من البلدة وضمت في عدادها القوة المذكورة واكثر من ثلاثة الاف مدني لم تنته فصولاً. وجديدها تبادل الاتهامات بين الجيش الاسرائيلي وقيادة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان حول مسؤولية المجزرة التي كادت تقضي على القافلة وافرادها جراء مطاردة طائرات «الأم ك»، واطلاق صواريخها عليها مما اودى بحياة خمسة مدنيين وجندي وجرح 40 بين مدنيين وعسكريين.
فقد ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» امس انها تلقت اجابات عن اسئلة وجهتها الى القيادة العسكرية الاسرائيلية حول اسباب استهداف القافلة، حيث افادت ان المسؤولين في «اليونيفيل» تجاهلوا التعليمات الاسرائيلية بعدم السماح للقافلة بالتحرك، موضحة ان القوات الاسرائيلية اشتبهت بوجود آليات عسكرية تعبر الطريق بعد ان سلمت حمولتها من الاسلحة والذخيرة الى رجال المقاومة أو تحاول «الهروب» بهذه الحمولة».
الا ان الناطق باسم الطوارئ ميلوس شتوغر قال ان السلطات الاسرائيلية وافقت على طلبها بتحرك القافلة من مرجعيون الى بيروت، فيما اكد قائد «اليونيفيل» الجنرال ألان بللغريني «اننا حصلنا من الجانب الاسرائيلي على الضوء الاخضر لهذه العملية».
وكشف شتوغر لـ «الاخبار» جانباً من الاتصالات لتأمين سلامة القافلة فقال «ان اهتمام يونيفيل انصب على التفاهم مع الاسرائيليين لاخراج القوى الامنية من مرجعيون والسماح لها بالتوجه الى بيروت، وقد وفقنا في ذلك، الا ان انضمام عدد كبير من المدنيين من ابناء البلدة وجوارها بسياراتهم الى القوة الامنية استدعى المزيد من الاتصالات مع الجانب الاسرائيلي لابلاغه بما استجد، فيما تابع ضابط ارتباط في الجيش اللبناني الحادثات ناقلاً تفاصيلها الى الجهات اللبنانية. وبقي على اتصال مع داوودstrong>
ورداً على سؤال ما اذا كانت السلطات الاسرائيلية قد اعلنت صراحة موافقتها ايضاً على انضمام المدنيين للقافلة آجاب:» أبلغنا الاسرائيليين بوجود مدنيين في القافلة وتولى الفريق اللبناني من جهته اجراء الاتصالات اللازمة عبر قنواته الخاصة لتأمين سلامتهم». وكان وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت اعلن في حديث لـ«لاخبار» (22 ـ 8 ـ 2006) انه بنتيجة الاتصالات التي اجراها العميد عبد الرحمن الشحيتلي مساعد مدير المخابرات في الجيش مع بللغريني اتفق على خط سير القافلة بحيث تنطلق من مرجعيون باتجاه حاصبيا فجب جنين من بعدها الى زحلة وترشيش قبل ان تصل الى بيروت.
وفي هذا الاطار روى مصدر لبناني مطلع على مجريات المفاوضات فقال انه «لحظة انطلاق القافلة عند التاسعة صباحاً من يوم الجمعة في الحادي عشر من شهر آب الجاري تبين ان الطريق التي ستسلكها على تخوم مرجعيون جرى قصفها من قبل الطيران الحربي الاسرائيلي فباتت غير صالحة للسير عليها. عندها استعنا بجرافات من «اليونيفيل» بحوذة الكتيبتين الهندية والصينية، وقام عدد من افرادها باصلاح الطريق ما أمكن، الامر الذي حال دون تحرك القافلة في موعدها فاضطرت للمغادرة عند الواحدة ظهراً».
ولفت المصدر الى ان طول القافلة التي تضم اكثر من ألف سيارة ووعورة الطرقات التي سلكتها والبطء في حركتها جعلها تصل الى مشارف جب جنين عند العاشرة ليلاً حيث تعرضت هناك لقصف طائرات «أم. ك» مما احدث حالة من الذعر والهلع والارتباك».
ورفض المصدر جميع المبررات التي اوردتها اسرائيل للتنصل من مسؤولية استهدافها القافلة والقول بان الامر قد التبس عليها لدى رؤيتها شاحنات عسكرية ظنت انها للقاومة فيما هي عائدة لافراد القوى الامنية المشتركة. واكد المصدر «ان ضابط الارتباط اللبناني بقي متمركزاً داخل مقر عمليات قوات الطوارئ الدولية في الناقورة منذ دخول القوات الاسرائيلية ثكنة مرجعيون الى حين وصول القافلة الى بيروت، وكان على بينة من جميع الاتصالات والقرارات المتعلقة بهذه العملية، والتي تبين بوضوح موافقة تل أبيب على خروج القافلة باتجاه بيروت وتعهدها بعدم التعرض لها».
وفيما لم تفت المصدر الاشارة الى ان قوات الطوارئ رافقت القافلة حتى أبل السقي حيث ينتهي نطاق عملها، ذكر ان معلومات واردة أخيراً من اسرائيل اظهرت ان ما جرى للقافلة سببه «خطأ تقني» إذ لم يصر الى تعديل برنامج عمل طائرات «الأم. ك» من قبل غرفة العمليات الاسرائيلية، فما تم تلقينه لها لتنفيذه في تلك الليلة قضى بقصف طرقات محددة بينها في جبن جنين لورود معلومات عن تحركات عسكرية لرجال المقاومة على هذه الطريق وغيرها، الأمر الذي تدحضه الوقائع، لتجعل من قصة «قافلة مرجعيون» شاهداً آخر على جرائم الحرب الاسرائيلية وارهاب الدولة».


فتفت وداوود
قال وزير الداخلية بالوكالة الدكتور احمد فتفت لـ«الأخبار» انه لدى تسليمه رئيس المجلس نبيه بري نسخة عن التقرير المفصل الذي اعدته المفتشية العامة في وزارة الداخلية حول ما جرى في ثكنة مرجعيون، بادره بري الى القول: «المهم في موضوع العميد عدنان داوود من الناحية المسلكية ما يقوله أهل الاختصاص. فأنا حين يأتيني تقرير من شرطة المجلس نتيجة تحقيق في مسألة ما أطلب على الفور عدم سرد التفاصيل بل افادتي بالخلاصة». وقد رددت عليه مؤكداً «عدم وجود ما يمس مسلكيته او ارتكابه خيانة. كل ما في الأمر قيامه بتصرف معين استدعى توقيفه ثلاثة ايام وهذا يكفي في نظري». وأوضح فتفت ان داوود شرح في تقريره المخاطر التي كانت ستلحق بالقوى الامنية لو أقدمت على مواجهت القوات الاسرائيلية المحتلة، منوهاً بالخدمات الانسانية التي كان يقوم بها العميد لأبناء مرجعيون والمنطقة، حيث كان يتولى بنفسه توزيع ربطات الخبز على المحتاجين.