مروحين ــ بهية العينين
لا شيء غير أصوات الأسى، يمكن أن تفطر القلوب في تشييع شهداء مجزرة مروحين؛ «يا بيّي، يا خيّي، يا عمّي، يا فاطمة، يا حسن، يا بو كامل». بهذه العبارات والأسماء المشحونة بالغضب، ودعت البلدة المنكوبة شهداءها الـ 23 الذين سقطوا في المجزرة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، خلال عدوانها على لبنان في الخامس عشر من تموز الماضي، بينهم 16 طفلاً.
بيد أن ما جمعته المجزرة فرّقه التشييع، بين مؤسسة الحريري من جهة، وحركة أمل من جهة ثانية، اللتين تقاسمتا النعوش وأصحابها، تاركتين في نفوس المشيعين والأهالي أثراً، أصابهم بالأسى ثانية، إلى مصاب المأساة.
منذ الصباح، تجمهر الأهالي أمام المدفن الجماعي المؤقت الذي ضم جثامين الشهداء قبالة ثكنة صور العسكرية، أمانة، ريثما ينتهي العدوان؛ وبعد نبش المدفن وإخراج النعوش ووضعها في سيارات الإسعاف، انطلق موكب سيّار حاشد نحو مروحين، المحاذية لمستعمرة زرعيت، على مرأى من الدبابات الاسرائيلية؛ بعدما عبر الخط الساحلي مروراً بالبياضة وشمع والجبين ويارين، وصولاً إلى البلدة التي ما زالت آثار العدوان والدبابات تظهر بوضوح على طرقاتها الترابية، وعلى الأبنية المدمرة.
موكب التشييع وصل على دفعتين: تسعة شهداء لفّت نعوشهم بأعلام حركة أمل، وحملتهم سيارات الاسعاف التابعة لكشافة الرسالة الإسلامية، بحضور النائبين علي خريس وعبد المجيد صالح وعدد من رؤساء البلديات ورجال الدين. وبعد الصلاة على جثامينهم دفنت في المقبرة التي خصصت لشهداء مجزرة مروحين.
ونقلت سيارات إسعاف تابعة لمؤسسة الحريري نعوش 14 شهيداً، لفّت جثامينهم بالأعلام اللبنانية، وحمل المشاركون صور الشهداء وصور الرئيس رفيق الحريري ولافتات كتب على بعضها: «مروحين لن ننساك إلى الأبدط.وصلّي على الضحايا بحضور وزير التربية خالد قباني ومفتي صور الشيخ محمد دالي بلطة ومفتي صور وجبل عامل السيد علي الأمين، إلى النائبين خريس وصالح وعدد من ممثلي الفاعليات الروحية والسياسية والاجتماعية. ثم ووريت الجثامين، وغالبيتها لأطفال ونسوة حوامل، وسط صيحات الحزن والغضب والإدانة للعدوان الإسرائيلي ومجرزة مروحين.
وخلال التشييع، قال الوزير قباني: «جئنا لنكون بجانب أهالي مروحين، هذه البلدة التي تلقّت الضربة الأولى من العدو الإسرائيلي، واستشهد نساؤها وأطفالها وشيوخها على الطريق غدراً في هذا العدوان. ونقول الى الأهالي إننا معهم، وشهداؤهم شهداء الوطن وكل لبنان». وعن عدم انتشار الجيش في القطاع الغربي، قال: «إن السبب يعود الى عدم تنفيذ اسرائيل القرار 1701 حتى هذه اللحظة، وهي ما زالت تضرب حصاراً جوياً وبحرياً وبرياً على لبنان، وتسترسل في اعتداءاتها على لبنان، وآخرها الانزال في منطقة بوداي في بعلبك». وختم: «إن إسرائيل لم تظهر أن لديها نية للسلام، أو أنها تحترم القرارات الدولية، وعلى مجلس الأمن اليوم قبل الغد، أن يتخذ موقفاً من هذا الموقف الإسرائيلي المعادي للشرائع الدولية والأعراف الانسانية وشرعية الأمم المتحدة».
المهندس عدنان غنام من مروحين علّق على انقسام التشييع قائلاً: «لقد فوجئنا بهذا الانقسام الذي حصل للتشييع، كنا نتمنى أن يتم بشكل وحدوي كما اتفق سلفاً، لا أن يرفع كل فريق شعاراته وأعلامه بعد هذه القسمة في سياراته الخاصة.
ما حصل يعكس تماماً ما فعلته إسرائيل إذ لم تفرق بين الشهداء؛ بينما فرقتهم السياسة».
من جهة ثانية، دفع الاحتلال أمس الأول بفرق فنية لإعادة ترميم الشريط الحدودي بين بلدتي كفركلا والعديسة وسط تحليق لمنطاد قبالة مستعمرة مسكاف عام وتحليق لطائرة تجسس من دون طيار، فيما واصلت المساعدات الإنسانية تدفقها حيث وصلت قافلة من الشاحنات محملة بالمواد الغذائية والمحروقات إلى بلدة مرجعيون أمس قدمتها جمعية الرؤية العالمية، ستوزع على 2500 عائلة.
إلى ذلك، أعلنت قيادة الجيش اللبناني أن طائرة استطلاع إسرائيلية معادية اخترقت الأجواء اللبنانية ونفذت طيراناً دائرياً فوق مناطق الجنوب والبقاع الغربي واتجهت شمالا وصولاً إلى بيروت. كما اخترقت طائرتان حربيتان إسرائيليتان آتيتان من جهة البحر منطقة الرميلة واتجهتا شرقاً، ثم غادرتا من فوق بلدة رميش في اتجاه الأراضي المحتلة.