ساهم تعثّر الهيئة العليا للإغاثة إلى تشكل عفوي لهيئات جديدة، ساهمت في أداء دور فاعل في عمليات الإغاثة،وتسعى حالياً إلى أداء دور أوسع في مجال التنمية المجتمعية في مناطق عودة النازحين.
تمام مروة

«مواطنون»، مجموعة من الناشطين، اجتمعوا في بداية العدوان، وحضرّوا السندويشات في منازلهم، ووزعوها على النازحين. وازدادت الحاجة مع زيادة عدد النازحين، فوسعوا دائرة نشاطهم من خلال جمع التبرعات من الاصدقاء، وتميزوا بشفافية عالية في تعاطيهم مع الاموال التي جمعت، فنشروا اسماء مموليهم والمبلغ المجموع وكيفية صرفه على صفحتهم الالكترونية.
في البدء اشترى ناشطو «مواطنون» المواد الغذائية ومواد التنظيف، ووزعوها في حصص على نحو 5000 شخص ثابت، اضافة الى ما يعادل 3000 شخص في شكل غير دائم بين نازح او صامد في الضاحية. ولكن بعد مرور ثلاثة اسابيع بدأوا في الحصول على الحصص من «الهيئة العليا للاغاثة» ومن بعض المنظمات الدولية.
يعرّف «مواطنون» عن أنفسهم بأنهم مجموعة من المواطنين غير الحزبيين ويعملون تحت شعار «لبنان ــ تضامن 2006»، ويقفون موقفاً محايداً من كل الشعارات السياسية، ويكتفون بشعار المواطنية التي تجمعهم.
أمّا الناشطون في «مركز الإغاثة ــ الصنائع» فيصرّون على اتّخاذ موقف سياسي، وقد أصدروا بياناً في عز عملهم الإغاثي «تبنى بشكل واضح دعم المقاومة، ودان صمت المجتمع الدولي». كما عمدوا إلى إضافة كلمة «صامدون» على حملتهم لإعطائها البعد السياسي الذي أرادوهتشكّلت «صامدون» أساساً نتيجة اعتصام في 12 تموز. كان هدف الاعتصام التضامن مع فلسطينيّي غزة، وعقب تدهور الأوضاع في لبنان، تحولت مهمة الاعتصام من التضامن إلى الإغاثة. برعت «صامدون» في الاستجابة لحاجات النازحين وفي تأمين التمويل، من خلال مجموعات من المتطوعين دخلوا المنازل وجمعوا المساعدات النقدية والعينية. كما جرت اتصالات بالافراد في لبنان وخارجه. وتزامن موقف «صامدون» السياسي في دعم المقاومة مع عدد من الخطوات في مجالي الاعلام والضغط، في لبنان والعالم. وجرى العمل على عدة انشطة، منها انتاج موقع الكتروني متعدد اللغات مهمته تشكيل مورد للاعلامين والناشطين في العالم، والمساهمة في احياء الحركات المعارضة للانظمة لخرق الحصار السياسي على لبنان...
«مواطنون» و«صامدون» برعتا في اعمال الاغاثة اثناء وجود النازحين في بيروت. وبينما اهتمّت الأولى بالنازحين في المنازل، كانت «صامدون» تهتم بـ 27 مدرسة حوت نحو 8837 شخصاً. تشكلت «مواطنون» من أفراد، اما «صامدون» فمن هيئات قائمة من قبل، منها سياسية وطالبية وبيئية واجتماعية وحقوقية.
عاد النازحون الى مناطقهم، بعد وقف اطلاق النار. منهم من وجد منزله، ومنهم من لم يجده، وجميعهم ما زالوا بحاجة إلى مساعدة حتى في ظل تدفّق المؤسسات الدولية على الجنوب. في هذا الاطار، وجدت هذه الهيئات نفسها امام تحديات جدية، منها وضعها القانوني واستمرارها وحصولها على التمويل الذي كان في المرحلة الاولى على المبادرات الفردية.
دخلت «مواطنون» في ورشة داخلية بهدف التوافق على مقاربة سيعتمدونها للمتابعة، خصوصاً بعد توافقهم على التحول الى جمعية: «نحن نشعر بأن لدينا طاقات وأفكاراً يجب أن نستثمرها. بدأنا بلفّ السندويش ووصلنا الى اغاثة الآلاف»، بحسب ريا بدران، المسؤولة الاعلامية في «مواطنون»، هم عملياً في صدد تحضير ملفهم الى وزارة الداخلية لتقديم العلم والخبر.
أمّا «صامدون» فلا تسعى الى أن تكون هيئة رسمية لأسباب عدة، منها أنها لا تواجه مشكلة في الحصول على تمويل من الجهات المانحة، فهي تعتمد على الجمعيات الموجودة ضمنها. وتُعد «صامدون» شبكة تنسيق، ولكنّها انطلقت فعلاً بخطوات عملية نحو الجنوب، وافتتحت ثلاثة مراكز في كل من عيتا الشعب، صريفا وتبنين، بالتنسيق مع هيئات محلية، وتعمل على تصريف مخزونها من التموين للعائدين، على ان تنتقل الى مشاريع اكثر تنموية بهدف تأمين المستلزمات الاساسية مثل تأمين المياه. وما تميزت به نشاطات «صامدون» هو مسحها للحاجات في القرى الجنوبية وتزويد المنظمات الدولية بنتائجها لضمان توزيع المواد المطلوبة. وتسعى «صامدون» ايضاً الى تدعيم الشبكات الاجتماعية المحلية القائمة اساساً في القرى الجنوبية.
تعتمد الهيئتان الجديدتان نسبياً على خبرات المتطوعين من ذوي الكفاءات المتفاوتة، ولكنهما تطمحان الى عمل اكثر استدامة في مجال التنمية قد يضعهما أمام تحديات اهمها الحاجة الى متخصصين في مجالات عملهما.