رفع الحصار هدف أول لـ «الكي دورسيه» ... وتجريد حزب الله من سلاحه شأن لبناني
تصرّ الأوساط الديبلوماسية الفرنسية على أن لا خلفيات سياسية لتأخر إعلان المشاركة الفرنسية في اليونيفيل، وعلى أن سلامة الجنود هي الهمّ الطاغي، وأن رفع الحصار الجوي والبحري على لبنان هو الخطوة التالية.

أنطوان سعد
تضع الديبلوماسية الفرنسية التأخر في إعلان مشاركتها الفاعلة في قوات اليونيفيل المعزّزة التي نص عليها القرار 1701 في خانة تأمين الظروف الموضوعية المناسبة لانتشار القوات الفرنسية. وتلفت إلى أنها لم تعلن يوماً، رسمياً، إحجامها عن تلبية نداء لبنان والأسرة الدولية، أو مشاركتها في القوات الدولية بعدد رمزي، بل كانت تتحقق من أن قواتها ستتمكن من القيام بالمهمات المطلوبة منها والمساهمة في توفير الظروف الملائمة لرفع الحصار الإسرائيلي المستمر على لبنان.
ويرى الفرنسيون أنه بقدر ما يقدم لبنان الضمانات التي نص عليها قرار مجلس الأمن لجهة ضبط الحدود اللبنانية ـ السورية وفرض الاستقرار على المنطقة الواقعة جنوبي الليطاني، تزيد فرنسا والأسرة الدولية جهودهما لرفع الحصار البحري والجوي الذي أضحى الهدف الأول للديبلوماسية الفرنسية التي تبدي تفاؤلاً حذراً حيال إمكان تحقيقه قبل استكمال وصول القوات الدولية وانتشارها. في حين أن الدولة العبرية لا تبدو مستعجلة لرفع الحصار، بل على العكس تحاول استثماره إلى أقصى حد لتحصيل أفضل ما يمكنها الحصول عليه على مستوى ضبط الحدود اللبنانية ـ السورية وإحكام القبضة الأمنية اللبنانية والدولية على الجنوب.
وينفي الفرنسيون التفسيرات لتأخر موقف مشاركة القوات الفرنسية في اليونيفيل، التي ربطت المشاركة باتفاقات معقودة تحت الطاولة مع الحكومة اللبنانية حول نزع سلاح حزب الله.
كما يرفضون البتّة أي تأويل يربط بين الأمرين، لأن «تجريد حزب الله من سلاحه شأن لبناني بحت» وليس للفرنسيين وسواهم أن يتعاطوا في المسائل الداخلية اللبنانية. ويلفتون إلى أن الحكومة الفرنسية وجدت أن من واجبها درس الوقائع الميدانية قبل إرسال قواتها إلى الأراضي اللبنانية لأن سلامة جنودها مسألة محورية بالنسبة إليها. فهي لا تريد أن يكونوا عرضة لهجمات ومخاطر ولاستهداف القوى الفاعلة ميدانياً.
وفي هذا الإطـــار، ترى الديبــــلوماسية الفرنسية أن أهمّ ما جرى التحقّق منه هو ما إذا كانت كل الأطراف المعنية موافقةّ على انتشار قوات فرنسية، وما إذا كانت شروط المهمة التي تنفذها القوات الدولية تلحظ حقها في الدفاع عن نفسها، والرد على المخاطر التي قد تهددها من دون تعقيدات إدارية وسياسية والعودة إلى الأمم المتحدة في نيويورك.
وقد أسفرت الاتصالات التي أجريت مع الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية والحكومة الإسرائيلية وقيادة الجيش اللبناني وسائر القوى السياسية في لبنان عن توضيح مسائل مهمة جعلت الحكومة الفرنسية تقتنع بأن الانتشار الفرنسي سيكون آمناً وسيؤدي دوراً مهماً على مستوى مساعدة لبنان وحكومته التي تعدّها باريس صديقة لها.
وبنتيجة القرار الذي أعلنه الرئيس الفرنسي جاك شيراك مساء أول من أمس بعد اجتماع وزاري مصغر، ستأتي قوة عسكرية مؤلفة من 2000 جندي فرنسي إلى لبنان في غضون أيام للمشاركة في القوات الدولية المعززة، وستؤازرها، وتوفر لها الدعم اللوجستي الوحدات الموجودة في البوارج الفرنسية المرابضة على مقربة من الشاطئ اللبناني، التي يبلغ عدد أفرادها نحو 1700 جندي. وستصل اليوم إلى الناقورة معدات عسكرية ووسائل نقل، على أن يستمر وصول الجنود الفرنسيين تباعاً.
وتبدي الديبلوماسية الفرنسية اعتقادها بأن «المساهمة غير الرمزية الفرنسية ستساعد على تسريع الخطى لتأمين عودة الاستقرار إلى لبنان، وهو ما يؤدي تلقائياً إلى تسريع رفـع الحصــار الإسرائيلي».