العلم الأميركي الذي تظلّله عبارة «تقدمة الشعب الأميركي» والذي حرصت وكالة التنمية الأميركية على أن يكون على أكياس الطحين وعبوات الزيت وصناديق الأدوية التي تقدمها في مختلف دول العالم، بات يحتاج إلى بوابة عبور فرعية عبر وكالات الأمم المتحدة المختصة والجمعيات غير الحكومية لكي يسلك طريقه إلى النازحين.بسّام القنطار

يوم الإثنين الماضي، خرج الرئيس الأميركي جورج بوش ليعلن أنّ حجم المساعدات التي ستقدّمها حكومة الولايات المتحدة إلى لبنان ارتفع من 50 مليون دولار إلى 230 مليون دولار، أي بزيادة تقارب الخمسة أضعاف.
وقد كشفت طريقة توزيع المساعدات، منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على لبنان، والبالغة ما يقارب 48 مليون دولار، عمق الأزمة التي تواجهها الإدارة الأميركية ووكالة التنمية الدولية التابعة لها، وذلك بسبب عدم القدرة على التدخل المباشر في إعمال الإغاثة وتوزيع المعونات.
وبحسب تقرير فريق الحكومة الأميركية المختص بالاستجابة للكوارث الصادر منذ يومين، منحت وكالة التنمية 3.6 ملايين دولار لبرنامج الأغذية العالمي و 2.5 مليون لمنظمة «اليونيسف» و 1.2 مليون دولار لمكتب تنسيق عمليات الطوارئ التابع للأمم المتحدة و 13.5 مليون دولار لمنظمة الصليب الأحمر ومليون دولار للمنظمة الدولية للاجئين. وفي الوقت نفسه، ذهب ما يقارب 150 ألف دولار مصاريف إدارية في فترة شهر! وتعكس عملية التدقيق في الجدول المرفق بالتقرير أنه بالإضافة إلى المصاريف الإدارية، أنفق 25 ألف دولار على تدريبات أمنية خضع لها موظّفو الإغاثة في الأردن قبل وصولهم إلى لبنان، في حين صرف 600 ألف دولار على القضايا الأمنية واللوجستية.
لكن البند الأبرز في التقرير هو صرف مبلغ 9.2 ملايين دولار لمصلحة الحكومة اللبنانية، وهذا فتح جديد في سياق المساعدات الأميركية للبنان. ففي عام 2001، التزم الرئيس الأميركي بتقارير المستشارين ومراكز الأبحاث التي رسمت له خطة العمل في الشرق الأوسط، حينها أوعزوا له بالآتي: «لا تدعم الحكومة اللبنانية وركّز على قطاعات المجتمع المدني، وخصوصاً جمعيات حقوق الإنسانجمعية «ميرسي كور» ــ التي تعدّ من الشركاء الرئيسيين لوكالة التنمية الأميركية في العديد من المشاريع التي نفذت في السنوات الماضية وخصوصاً في قرى الجنوب اللبناني ــ غاب عن صندوق الإعانة الذي قدمته (المؤلف من حصة غذائية تكفي أسبوعاً، ومواد تنظيف) العلم الأميركي أو أي عبارة تشير إلى وكالة التنمية، الأمر الذي سمح لهذه الجمعية الدولية أن توزع 5 آلاف حصة غذائية في بلدة كيفون الشيعية التي نزح إليها أكثر من 40 ألف نسمة، غالبيتهم الساحقة من مناصري حزب الله.
عضو مجلس بلدية كيفون محمد الحكيم قال لـ«الأخبار» إن «جمعية ميرسي كور اشترطت أن تحصل على قائمة بأسماء الأشخاص الذين ستقدم لهم المساعدات، الأمر الذي رفضته البلدية».
وتشترط وكالة التنمية الأميركية توقيع الجهة التي تتلقى المساعدة على اتفاق يقرّ بأن المنظمة ــ الهيئة لن تقدم، ولم يسبق لها أن قدمت مساعدات أو دعماً لأي فرد أو جهة أو مجموعة تصنّفها الولايات المتحدة في خانة الإرهاب. كما تشترط وكالة التنمية توقيع الجهة التي تتلقى المساعدة على اتفاق يقرّ بأنها لن تقدم، ولم يسبق لها أن قدمت مساعدات أو دعماً لأي فرد أو جهة أو شركة أو مؤسسة أو مجموعة أو جمعية تعمل على دعم المنظمات الإرهابية أو تقيم أي نوع من العلاقة معها.
ويعترف دايفيد هولدريج، منسّق الطوارئ في جمعية «ميرسي كور» في مقابلة مع «نيويورك تايمز» الأربعاء الماضي «أن الانتشار الكبير لحزب الله في المجتمع اللبناني يضع الجمعيات غير الحكومية التي تمولها الإدارة الأميركية في موقف حرج». ويتابع «أن الحكومة الأميركية لم تحدد قواعد معينة لتقديم المساعدات والأموال في لبنان، ولكننا نتوقع المزيد من الإرشادات في الأيام المقبلة».
أما وليم غرايفلنك، المسؤول في وكالة التنمية الأميركية، فقد أعلن لـ«نيويورك تايمز» أنّ «الوكالة لا تزال تنتظر مقترحات مشاريع من قبل العديد من المنظمات غير الحكومية اللبنانية والدولية، تمهيداً لإقرار المنح». ويجزم غرايفلنك أن الوكالة لم تقم أي رابط أو اتصال مع حزب الله بجناحيه العسكري والاجتماعي. لكنه يسأل «ماذا عن الأشخاص المنتخبين محلياً ضمن خط حزب الله السياسي؟ (أي البلديات التي تشكل الممر لأي مساعدة عينية أو تقنية للجنوب). يعترف غرايفلنك «إنها منطقة رمادية».