ثائر غندور
في شارع بربور، بناية صالح، امرأة تدفع للناطور بدل إيجار شقة أسكنت فيها أصدقاء نازحين لمدة شهر. يصل شاب حاملاً صندوق إعاشة كُتب عليه شعار الهيئة العليا للإغاثة. “هذا للطابق السادس”، يقول لهما. ترد عليه المرأة فوراً: “لقد تركوا المنزل”. لكن المتطوّع يوضح: “هذه ليست لكم. إنّها لسكان الشقة الأخرى، وهي تقدمة من مؤسسة الحريري”. تُصدم المرأة، فسكان هذه الشقة ليسوا من النازحين.
في شارع بربور، وزّعت “مؤسسة الحريري” صناديق الإعاشة على أهالي بيروت لا على النازحين في بيروت. وصلت الإعاشات إلى من سجّلوا أسماءهم لدى المؤسسة. ناطور المبنى يتحدث عن نازحين في الشارع لم يصلهم شيء من المساعدات خلال الحرب. استفز توزيع المساعدات باسم “مؤسسة الحريري” أحد المواطنين في شارع بربور: “شحدوا علينا، ثم استغلّوا المساعدات ليوزّعوها على أتباعهم ويتاجروا بها لمصالحهم السياسية”. أبو بلال حصل أيضاً على المساعدات. يرحّب بك فور سؤاله عنها، “نعم وصلتني كرتونة مكتوب عليها “رئاسة مجلس الوزراء (الهيئة العليا للإغاثة)”، بيت الحريري جابوها”.
من الصعب فهم ماهية المساعدات المقدّمة لأهالي بيروت عن روح الشهيد رفيق الحريري، بين “عجقة” المسؤولين الإعلاميين، وكثرة المؤسسات التابعة له. فمكتب مساعدات الشهيد رفيق الحريري ينفي نفياً قاطعاً أنه يقدّم “إعاشات” لأهالي بيروت، ويحيل الأمر إلى جمعية بيروت للتنمية. ويعزو السبب إلى “الاحتقان المذهبي بسبب توزيع المساعدات للنازحين الذين تتألف غالبيّتهم من الشيعة”. ويرى أحد المسؤولين في المكتب، أن المساعدات تخفف هذا الاحتقان، لذا قامت الجمعية بتقديم مساعدات من السيدة نازك الحريري والشيخ سعد الحريري، بحسب قولهوتشير شيرين الرفاعي من جمعية بيروت للتنمية، إلى أنّ المساعدات تنقسم إلى قسمين: الأول للنازحين، وينفّذ بالتنسيق مع الهيئة العليا للإغاثة. والثاني لأهالي بيروت، وهو من المال الخاص بآل الحريري. وتنفي توزيع هذه المساعدات باسم الهيئة العليا للإغاثة. ولفتت إلى أنّها مساعدات توزَّع دورياً، وليست جديدة.
يتكرّر مشهد تقديم المساعدات في زاروب الطمليس في الطريق الجديدة، حيث وزّعت صناديق عليها شعار “الهيئة العليا للإغاثة” باسم الشهيد رفيق الحريري. واللافت في الأمر، أن سكان الحي فوجئوا بالمساعدات، وبدأوا يدعون للشيخ سعد بطول العمر. ووجدنا استمارات باسم الهيئة العليا للإغاثة بحوزة متطوّعي “الحريري” تُبيّن، إضافة إلى اسم المستفيد، مكان السجل (الباشورة ورقمه 6449) ومنطقة السكن (الملعب البلدي، زاروب الطمليس).
وربطت الرفاعي الأمر بالمخاتير ومكتب الجمعية في الطريق الجديدة، الذين يسجلون أسماء المحتاجين، وكرّرت تأكيدها أن “المساعدات من أموال آل الحريري”.
شارع بربور وزاروب الطمليس في المزرعة لم يتعرضا لأي عملية قصف ولم يهجرهما السكان، بل استقبلا بعض النازحين. واليوم، بعد عودة النازحين إلى ديارهم، يُطرح السؤال عن جدوى توزيع مساعدات “الهيئة العليا للإغاثة” في هذه المناطق، وكذلك عن ربطها باسم “مؤسسة الحريري”.
محمّد السردوك، منسّق “الهيئة العليا للإغاثة”، قال إنه لا يملك معلومات عن الأمر. ورفع المسؤولية عنه موضحاً: “نحن نوزّع على المحافظين والقائمقامين، وهم بدورهم يوزعون على الناس”. وأضاف: “أصلاً ليس تيار المستقبل فقط من يوزّع المساعدات باسمه، هناك أيضاً القوات اللبنانية، وحتى التيار الوطني الحر”. وختم السردوك بأنه “لا يعرف شيئاً عمّا يحصل على الأرض، عليكم سؤال تيار المستقبل عن الأمر”. لكنّه عاد واستدرك واعداً بفتح تحقيق إذا ما تأكّد من الأمر.